تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسب الدهر محرم، وهو درجات وأعلاها لعن الدهر؛ لأن توجه اللعن إلى الدهر أعظم أنواع المسبة وأشد أنواع الإيذاء، وليس من مسبة الدهر وصف السنين بالشدة، ولا وصف اليوم بالسواد، ولا وصف الأشهر بالنحس، ونحو ذلك؛ لأن هذا مقيد، وهذا جاء في القرآن في نحو قوله - جل وعلا - {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ} [فصلت: 16]. فوصف الله - جل وعلا - الأيام بأنها نحسات، والمقصود: في أيام نحسات عليهم، فوصف الأيام بالنحس؛ لأنه جرى عليهم فيها ما فيه نحس عليهم، ونحو ذلك قوله - جل وعلا - في سورة القمر: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر: 19]، فهذا ليس من سب الدهر؛ لأن المقصود بهذا أن الوصف ما حصل فيها كان من صفته كذا وكذا على هذا المتكلم، وأما سبه أن ينسب الفعل إليه فيسب الدهر لأجل أنه فعل به ما يسوؤه، فهذا هو الذي يكون أذية لله - جل وعلا -.

" وقول الله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] " هذه الآية ظاهرة في أن نسبة الأشياء إلى الدهر من خصال المشركين أعداء التوحيد، فنفهم منه أن خصلة الموحدين أن ينسبوا الأشياء إلى الله - جل وعلا - ولا ينسبوا الإهلاك إلى الدهر، بل الله - جل وعلا - هو الذي يحيي ويميت.

" في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم؛ يسب الدهر وأنا الدهر»:. قوله: «وأنا الدهر» لا يعني أن الدهر من أسماء الله - جل وعلا -، ولكنه رتبه على ما قبله، وهو قوله: «يسب الدهر وأنا الدهر»؛ لأن حقيقة الأمر أن الدهر لا يملك شيئا ولا يفعل شيئا، فسب الدهر سب لله؛ لأن الدهر يفعل الله - جل وعلا - فيه، فهو ظرف للأفعال وليس مستقلا؛ فلهذا لا يفعل، ولا يحرم، ولا يعطي، ولا يكرم، ولا يهلك، وإنما الذي يفعل هذه الأشياء مالك الملك المتفرد بالملكوت وتدبير الأمر الذي يجير ولا يجار عليه. فقوله - إذا -: «وأنا الدهر» فيه نفي نسبة الأشياء إلى الدهر، وأن هذه الأشياء تنسب إلى الله - جل وعلا - فيرجع مسبة الدهر إلى مسبة الله - جل وعلا -؛ لأن الدهر لا ملك له، والله هو الفاعل.

ـ[أم أسامة]ــــــــ[21 - 07 - 2008, 03:34 ص]ـ

جزيت خيراً أخي مسلم على هذا الموضوع الرائع

ـ[مُسلم]ــــــــ[23 - 07 - 2008, 01:30 م]ـ

شكرا لكل من ساهم بالرد في الموضوع ومن قرأه ولم يكتب ...

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير