تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الشّاب الجزائري كما تمثله لي الخواطر

ـ[بحر الدموع]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 04:55 م]ـ

بصوت الشيخ الأمام

محمد البشير الإبراهيمي

وهي محاضرة صوتية ماتعة من محاضرات العلامة الأديب محمد البشير الإبراهيمي الجزائري رحمه الله

ومن يستمع لهذه المحاضرة الماتعة فسيلحظ فيها استشهادات كثيرة بالشعر الجاهلي والعباسي وأسلوب الإبراهيمي (رحمه الله) في إلقائها بديع

مع شكرنا لأخينا وصاحبنا الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري؛ فهو الذي أوردها، وعنه نقلت ...

وهذا رابط المحاضرة:

للحفظ:

زر الفأرة الأيمن / ثم حفظ

من هنا ( http://www.tafsir.org/audio/sound/Elbachir_elibrahimi.ram)

الشّاب الجزائري (1) 1

كما تمثله لي الخواطر

الشيخ محمد البشير الإبراهيمي

أتمثله متساميًا إلى معالي الحياة، عربيدَ الشباب في طلبها، طاغيًا عن القيود العائقة دونها، جامحًا عن الأعنَّة الكابحة في ميدانها، متَّقد العزمات، تكاد تحتدم جوانبه من ذكاء القلب، وشهامة الفؤاد، ونشاط الجوارح.

أتمثله مقداما على العظائم في غير تهوّر، محجامًا عن الصغائر في غير جبن، مقدرًا موقع الرجل قبل الخطو، جاعلا أو الفكر آخر العمل.

أتمثله واسع الوجود، لا تقف أمامه الحدود، يرى كل عربي أخًا له، أخوة الدم، وكلَّ مسلم أخًا له، أخوة الدين، وكل بشر أخًا له، أخوة الإنسانية، ثم يُعطي لكل أخوة حقها فضلا أو عدلا.

أتمثله حلِفَ عمل، لا حليف بطالة، وحلس معمل، لا حلس مقهى، وبطل أعمال، لا ماضغَ أقوال، ومرتاد حقيقة، لا رائد خيال.

أتمثله برًّا بالبداوة التي أخرجت من أجداده أبطالا، مزورًّا عن الحضارة التي (رمتْه بقشورها)، فأرخت أعصابه، وأنَّثت شمائله، وخنَّثت طباعه، وقيَّدته بخيوط الوهم، ومجَّت في نبعه الطاهرِ السموم، وأذهبت منه ما يُذهِب القفص من الأسد من بأس وصولة.

أتمثَّله مقبلا على العلم والمعرفة ليعمل الخير والنفع، إقبال النحل على الأزهار والثمار لتصنع الشهد والشمع، مقبلا على الارتزاق، إقبال النمل تجدُّ لتجِدَ، وتدَّخر لتَفتَخر، ولا تبالي ما دامت دائبة، أن ترجع مرةً منجِحةً ومرة خائبة أحب منه ما يحب القائل:

أُحِبُّ الْفَتَى يَنْفِي الْفَواحِشَ سَمعُهُ كَأنَّ بِهِ مِن كلّ فَاحِشَةٍ وَقْرَا

وأهوى منه ما يهوى المتنبى:

وَ أَهْوَى مِنْ الْفِتْيَانِ كُلَّ سَميذَع أَريبٍ كَصَدْرِ السّمَهْرِى الْمُقَوّم

خَطّتْ تَحْتَهُ العِيسُ الفلاةَ وَ خَالطَتْ بِهِ الخيلُ كباتَ الخَميسِ العَرْمَرِم

يا شباب الجزائر هكذا كونوا! .... أو لا تكونوا!

أتمثله محمدي الشمائل، غير صخاب و لا عياب، و لا مغتاب ولا سباب، عفا عن محارم الخلق ومحارم الخالق، مقصور اللسان إلا عن دعوة إلى الحق، أو صرخة في وجه الباطل، متجاوزا عما يكره من إخوانه، لا تنطوي أحناؤه على بغض ولا ضغينة.

أتمثله متقلبا في الطاهرين والطاهرات، ارتضع أفاويق الإصلاح صبيا، وزرت غلائله عليه يافعا، فنبتت في حجره، ونبتت قوادمه في وكره، ورفرفت أجنحته في جوه، لم يمسسه زيغ العقيدة، ولا غشيت عقله سحب الخرافات، بل وجد المنهج واضحا فمشى على سوائه، والأعلام منصوبة، فسار على هداها، واللواء معقودا، فأوى إلى ظله، والطريق معبدا، فخطا آمنا من العثار، فما بلغ مبلغ الرجال إلا وهو صحيح العقد في الدين، متين الاتصال بالله، مملوء القلب بالخوف منه، خاوى الجوانح من الخوف من المخلوق، قوي الإيمان بالحياة، صحيح النظر في حقائقها، ثابت العزيمة في المزاحمة عليها، ذلق اللسان في المطالبة بها، ناهض الحجة في الخصومة لأجلها، يأبى أن يكون حظه منها الأخس الأوكس، أمن بعقله وفكره أن يضلل في الحياة كما أمن بهما أن يضلل في الدين.

" و في الحياة كما في الدين تضليل " (2)

يا شباب الجزائر!

ما قيمة الشباب؟ وإن رقت أنداؤه، و تجاوبت أصداؤه، وقضيت أوطاره وغلا من بين أطوار العمر مقداره، و تناغت على أفنان الأيام و الليالي أطياره، و تنفست عن مثل روح الربيع أزهاره، وطابت بين انتهاب اللذات واقتطاف المسرات أصائله وأسحاره.

بل ما قيمة الكهولة؟ وإن استمسك بنيانها، واعتدل ميزانها، وفرت عن التجربة والمراس أسنانها، و وضعت على قواعد الحكمة و الأناة أركانها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير