[النثر البليغ " إن من البيان لسحرا "]
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[29 - 08 - 2008, 06:50 م]ـ
النثر الجميل البليغ الفصيح أدب عظيم سواء ما كان منه منطوقا أو مكتوبا ولقد اندرس هذا فلم نعد نعرف في عصرنا متحدثا بليغا يلتقط الناس كلامه ويحفظونه ويعجبون منه وأود أن أورد هنا شيئا من هذا الأدب
عن ابن عباس قال جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيس بن عاصم والزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم التميميون ففخر الزبرقان فقال يا رسول الله أنا سيد تميم والمطاع فيهم والمجاب أمنعهم من الظلم وآخذ لهم بحقوقهم وهذا يعلم ذلك يعني عمرو بن الأهتم قال عمرو بن الأهتم إنه لشديد العارضة مانع لجانبه مطاع في أدنيه فقال الزبرقان والله يا رسول الله لقد علم مني غير ما قال وما منعه أن يتكلم إلا الحسد فقال عمرو بن الأهتم أنا أحسدك فوالله إنك للئيم الخال حديث المال أحمق الوالد مضيع في العشيرة والله يا رسول الله لقد صدقت فيما قلت أولا وما كذبت فيما قلت آخرا ولكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت ولقد صدقت في الأولى والأخرى جميعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا
قال معاوية لصحار العبدي: ماهذه البلاغة فيكم؟ فقال:شيء تجيش به صدورنا ثم تقذفه على ألسنتنا فقال رجل من القوم: هؤلاء بالبسر والرطب أبصر منهم بالخطب فقال صُحار: أجل والله إنا لنعلم أن الريح تلقحه وأن البرد يعقده وأن القمر يصبغه وأن الحر ينضجه فقال معاوية: فما عدون البلاغة فيكم؟ قال: الإيجاز قال: وما الإيجاز؟ قال: أن تجيب فلا تبطئ وتقول فلا تخطئ ثم قال: يا أمير المؤمنين لا تبطئ ولا تخطئ.
وقيل رجل عن زياد بن أبيه: ما رأيت أحدا يتكلم فيحسن إلا أحببت أن يصمت خوفا من أن يسيء إلا زيادا فإنه كلما زاد زاد حسنا.
وقال بعضهم: ما رأيت زيادا كاسرا إحدى عينيه واضعا إحدى رجليه على الأخرى يخاطب رجلا إلا رحمت المُخَاطب!
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[29 - 08 - 2008, 06:54 م]ـ
وقال أبو إسحاق الفزاري: كان إبراهيم يطيل السكوت فإذا تكلم انبسط فقلت له ذات يوم لو تكلمت قال: إن الكلام على أربعة وجوه فمنه كلام ترجو منفعته وتخشى عاقبته فالفضل منه سلامة ومنه كلام لا ترجو منفعته ولا تخشى عاقبته فأقل ما لك في تركه خفة المؤونة على بدنك ولسانك ومنه كلام لا ترجو منفعته وتخشى عاقبته وهذا هو الداء العضال ومنه كلام ترجو منفعته وتأمن عاقبته فهذا الذي يجب عليك نشره.
قال: فإذا هو قد أسقط ثلاثة أرباع الكلام!!
كتب رجل إلى بعض الوزراء " رأيتني فيما أتعاطى من مدحك كالمخبر عن ضوء النهار الباهر والقمر الزاهر وأيقنت أني حيث انتهى بي القول منسوب إلى العجز مقصر عن الغاية فانصرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك "
قال رجل للمنصور: " الانتقام عدل والتجاوز فضل ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله من أن يرضى لنفس بأوكس النصيبين دون أن يبلغ أرفع الدرجتين "
ضرب الحجاج أعناق أسارى أتي بهم إليه فقال رجل منهم: يا حجاج والله لئن كنا أسأنا في الذنب فما أحسنت في المكافأة. فقال الحجاج: أف لهذه الجيف أما كان فيهم أحد يحسن مثل هذا! وكف عن القتل.
وكتب رجل " لا زالت أيامك ممدودة بين أمل لك تبلغه وأمل فيك تحققه حتى تتملّى من الأعمار أطولها وترقى من الدرجات أفضلها "
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[29 - 08 - 2008, 09:14 م]ـ
جزيت خيراً ...
وهذة موعظة ..
للحسن البصري ..
من أخلاق المؤمن
المؤمنُ تلقاهُ الزّمَانَ بَعدَ الزّمانِ بأمْرٍ واحدٍ، وَوَجْهٍ واحِدٍ، ونَصِيحَةٍ واحِدَةٍ، وإنّمَا يَتبدَّلُ المُنًافِق لِيَسْتأكِلَ كلَّ يَوْمٍ، المؤمِنُ صدَّقَ قولُهُ فِعْلَهُ، وسِرُّهُ علانيتَهُ ومَشْهَدُهُ مَغيبَهُ، ولا يزالُ العبدُ بخيرٍ مَا دَامَ له واعِظٌ مِنْ نَفْسِهِ، وكَانَتْ الفِكرةُ من عَمَلِهِ، والذّكُر مِنْ شَأنِهِ، والمُحَاسَبَةُ مِنْ هِمّتِهِ، ولا يَزَالُ بِشّرٍ ما اسْتعْملَ التّسْوِيفَ واتَّبَعَ الهَوىَ، وأَكثرَ الغَفلةَ، ورَجّحَ في الأماني.
يا ابن آدمَ نهارُكَ ضَيْفُكَ فَأحْسِنْ إلَيْهِ، فإنّك إنْ أحْسَنْتَ إليهِ ارتَحَلَ يَحْمدُكَ، وإن أسَأتَ إلَيْهِ ارتَحَلَ
يَذُمُّكَ، وكذلِكَ لَيْلُكَ، إنّمَا أنْتَ أيّها الإنْسَانُ عَدَدٌ، فإذَا مَضَى لَكَ يَوْمٌ فَقَدْ مَضَى بَعْضُكَ.
يَا عَجباً لِقَوْمٍ قد أُمِرُوا بالزّاد، وأوذِنُوا بالرّحيل، وأَقَامَ أًوَّلُهُمْ عَلىَ آخِرِهِمْ، فليتَ شعري ما الّذِي يَنْتَظِرُونَ؟ اجعل الدُّنيا كالقَنْطَرة تجوُز عَلَيْهَا ولا تَعْمرُها.
مِنْ أخلاقِ المؤمنَ قوةٌ في دينٍ، حِرْصُ على الْعِلمْ، وبِرٌ في اسْتِقَامَةٍ، وقَنَاعةٌ فَي فقْرٍ، وإعْطاءُ في حَقٍ وفِقْهٌ في يقينٍ، وكَسْبٌ في حلال.
¥