[رثاء الأم في الشعر العربي]
ـ[محمد سعد]ــــــــ[21 - 07 - 2008, 02:11 ص]ـ
ابن الرومي يرثي أمَّه
ومن مختار شعره: قصيدته الميمية في رثاء أمه، وهي (204) أبيات، أولها: (أفيضا دما إن الرزايا لها قيم). قال الثعالبي في اليتيمة: (لم يرث ولدٌ والدةً ولا والداً بأحسن منها)
أفيضا دماً إنَّ الرزايا لها قِيَمْ
=فليس كثيراً أن تَجُودَا لها بِدمْ
ولاتستريحا من بُكاء إلى كرًى
=فلا حمد مالم تُسعداني على السأم
ويا لذة العيشِ التي كنتُ أرتضي
=تقطَّعَ مابيني وبينكِ فانصرمُ
رُميتُ بخطٍ لا يقومُ لمثلهِ
=شرَوْرَى ولارَضْوَى ولا الهَضْبُ من خيم
بأنكر ذي نُكرْ وأقطعَ ذي شباً
=وأمقر ذي طعم وأوخم ذي وَخَمْ
رزيئة ِ أمٍّ كنتُ أحيا بِرُوحِها
=وأستدفعُ البلوى وأستكشفُ الغُمم
وما الأمُّ إلاَّ إمَّة ٌ في حياتها
=وأمٌّ إذا فادتْ وما الأمُّ بالأمَم
بنفسي غداة َ الأمسِ من بانَ مِنْ غدٍ
=وبتَّ مع الأمسِ القرينة فانجذم
ولما قضى الحاثونَ حَثْوَ ترابِهم
=عليها وحالتْ دونها مِرَّة الوذم
أظلَّتْ غواشي رحمة ِ الله قبرَها
=فأضحى جناباهُ من النارِ في حرم
أقولُ وقد قالوا أتبكي كفاقدٍ
=رضاعاً وأين الكهلُ من راضع الحلم
هي الأُمُّ يا للنَّاسِ جُرِّعتُ ثُكْلَها
=ومن يبك أُمًّا لم تُذَم قَطُّ لا يذَم
فقدتُ رضاعاً من سُرورٍ عهدتُها
=تُعللِّنيه فانقضى غيرَ مستتم
رضاعُ بناتِ القلبِ بان بِبَيْنِها
=حَمِيداً وما كُلُّ الرَّضاعِ رضاعُ فم
إلى الله أشكو جهد بلواي إنه
=بمستمعِ الشكوى ومُستَوهب العصمْ
وإني لم إيتم صغيرا وإنني
=يتمتُ كبيراً أسوأ اليُتْم واليَتم
على حين لم ألق المصيبة جاهلاً
=ولا آهلاً والدَّهرُ دهرٌ قد اعترمْ
أُقاسي وصِنْوي منه كلَّ شديدة ٍ
=تُبرحُ بالجَلْدِ الصَّبورِ وبالبرم
خَلِيلَّي هذا قبرُ أمي فورِّعا
=من العَذْل عني واجعلا جابتي نَعم
فما ذَرفْت عيني على رسمِ منزلٍ
=ولاعكفَتْ نفسي هناك على صنم
خليليَّ رِقّا لي أعِينا أخاكما
=نَشَدْتُكما مَنْ تَرْعيانِ مِنَ الحُرم
أمِنْ كَرَى الشكوى تَمَلاَّني جُزْتُما
=سبيل اغتنامِ الحمد والحمدُ يُغْتنَم
فكيف اصطباري للمُصابِ وأنتما
=تَمَلاَّنِ شكواهُ وفي جانبي ثَلم
عجبتُ لذي سمع يملُّ شِكاية ً
=ويعجبُ من صَدْرٍ يضيقُ بما كظم
ألا رُبَّ أيام سَحَبْتُ ذُيولَها
=سليماً من الأرزاء أملسَ كالزُّلم
أُرشِّحُ آمالاً طِوالاً وأجتني
=جنى العيشِ في ظل ظليلٍ من النِّعم
ولو كنتُ أدْرِي أنَّ ماكانَ كائنٌ
=لقُمْتُ لِرَوْعاتِ الخُطوب على قدم
غدا يَقْسمُ الأسواءَ قَسْمَ سويَّة ٍ
=وماعَدْلُ من سوَّى وسوّاءُ ماقسم
تعُمُّ ببلواهُ يد منه سُلْطة
=يصول بها فظٌ إذا اقْتَدَرَ اهْتَضَم
وليستْ من الأيدي الحميد بلاؤها
=يدٌ قسمتْ سُوءاً وإن سوّتِ القَسَمْ
أمالَ عُروشي ثم ثنَّى بَهدْمِها
=وكم من عُروشٍ قد أمال وقد هَدَم
وأصبح يُهدي لي الأسى متَنَصِّلاً
=فمِنْ سُوقة ٍ أرْدَى ومِن مَلِكٍ قصم
وإنِّي وإنْ أهْدى أُساه لساخطٌ
=عليه ولكن هل من الدهر منتقم
كأنَّ الفتى نصبَ الليالي بنية ٌ
=فليس كثيراً أن تَجُودَا لها بِدمْ
أمالَ عُروشي ثم ثنَّى بَهدْمِها
=وكم من عُروشٍ قد أمال وقد هَدَم
وأصبح يُهدي لي الأسى متَنَصِّلاً
=فمِنْ سُوقة ٍ أرْدَى ومِن مَلِكٍ قصم
وإنِّي وإنْ أهْدى أُساه لساخطٌ
=عليه ولكن هل من الدهر منتقم
كأنَّ الفتى نصبَ الليالي بنية ٌه
=بمُصْطَفِق من موج بحْر ومُلْتَطم
تقاذفُ عنها موجة ٌ بعد موجة
=إلى موجة ٍ تأتي ذُراها من الدِّعم
كذاك الفتى نَصْب الليالي يمُرها
=إلى ليلة ٍ ترمي به سالفَ الأُمم
يُخَبِّرك أنَّ الموتَ رَسْمٌ مؤبد
=ولن تعدو الرسمَ القديم الذي رسَمَ
رأيتُ طويلَ العُمْرِ مثلَ قصيرهِ
=إذا كان مُفْضاه إلى غاية ٍ تُؤم
وما طولُ عمر لا أبا لك ينقضي
=وماخيرُ عيشٍ قصُر وجدانه العدم
ألا كلُّ حيٍّ ماخلا الله مَيِّتٌ
=وإن زعمَ التأميلَ ذو الإفك مازعم
يروحُ ويغدو الشيء يُبنَى فربمّا
=جنى وهْيَهُ الباني وإن أُغْفِلَ انهدم
إذا أخطأتْهُ ثُلمة ٌ لا يجرُّها
=له غيرهُ جاءتْه من ذاته الثُّلمَ
تُضَعْضِعُهُ الأوقاتُ وهْي بقاؤهُ
=وتغتاله الأقواتُ وهْي له طُعمَ
¥