تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[السلبيات الاجتماعية في شعر أبي العلاء المعري]

ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[22 - 07 - 2008, 05:32 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليس من المبالغة بحال أن نقرر أن شخصية أديب المعرة ورهين المحبسين أبي العلاء المعري من أكثر الشخصيات الأدبية في تاريخ الأدب العربي اثارة وثراءً وعمقاً في اللفظ والمعنى، ولقد أتاحت له سعة اطلاعه وحدة ذكائه وصفاء ذهنه ورحلاته العلمية أن ينفرد بصور ادبية شعرية ونثريةلم تكن مألوفة أو معروفة بين أدباء زمانه وتمثلت تلك الصور في إنتاجه الأدبي الغزير ك دواوينه اللزوميات سقط الزند ورسائله النثرية ك رسالة الغفران رسالة الملائكة الفصول والغايات .. الخ هذا إلى جانب ما تميزت به هذه الشخصية الأدبية الفريدة من غرابة الأطوار وتنكب المألوف من حياة الناس كإعراضه عن الزواج وامتناعه عن أكل الحيوان المباح وما يخرج منه، اعتمادا على نظرة فلسفية قحة قد لا تتواءم وواقع الحياة الإنسانية وما فطر الله سبحانه وتعالى خلقه عليه من فطرة. على أن أبا العلاء المعري وأن هبت الفلسفة برياحها على رواسي أدبه لم يكن بمعزل عن الحياة وشؤونها من حوله بل على النقيض من ذلك فلقد حاول أبو العلاء المعري في بدايات حياته وشبابه أن يندمج في تيار الحياة برغم فقدانه لنعمة البصر منذ طفولته المبكرة وأن يكون فاعلاً ومتفاعلاً في زحام الحياة إلا أن حساسيته المفرطة ووحشية غريزته وتفكيره العميق المتصل بالإضافة إلى آفته الطبيعية قد شكلت سداً منيعاً بينه وبين المجتمع وجعلته وهو الأديب المشهور ينادي من وراء جدران بيته بأبياته الشهيرة:

أراني في الثلاثة من سجوني =فلا تسأل عن الخبر النبيث

لفقدي ناظري ولزوم بيتي=وكون الروح في الجد الحنيث

إلا أن اعتزاله لمجتمعهم وابتعاده عن الاختلاط بالناس لم يكن مانعا له من أن يشمل المجتمع بنظرات عميقة نافذة تسلط على عيوب ومثالب هذا المجتمع وتكشف عما كان خافياً من أمراضه وأدوائه، وعما يتردى فيه الكثير من الفئات الاجتماعية من علل وأمراض اجتماعية لا تزال مثار الشكوى في كل زمان ومكان، ولعل من المناسب أن نعرض لحياة أبي العلاء المعري والعصر الذي عاش فيه قبل التعرض لصور الفساد الاجتماعي التي برزت في أدبيات أبي العلاء المعري

نشأته وحياته:

هو أحمد بن عبدالله بن سليمان التنوخي نسبة الى تنوخ احدى قبائل اليمن ولد بالمعرة من أعمال حلب سنة 363ه لأبوين فاضلين فقد كان أبوه من أفاضل العلماء وجده قاضيا للمعرة، فلما بلغ الرابعة من عمره ذهب الجدري ببصره، ولما بلغ سن التعليم أخذ أبوه يلقنه علوم اللغة واللسان وتتلمذ بعد ذلك الى بعض علماء بلدته وفي سنة 392ه غادر المعرة الى بلاد الشام فزار مكتبة طرابلس واللاذقية ولما طوف ببلاد الشام عزم على الرحلة إلى بغداد مقر العلم والعلماء ليدرس الحكمة والفلسفة، ولبث في بغداد زمنا بين أخذ وعطاء علمي ووجد في بغداد بيئة علمية صالحة فأخذت آراؤه تظهر وتذيع، وهناك اتصل ولأول مرة بجماعة «إخوان الصفا» وكانوا يلتقون كل يوم جمعة في دار أحدهم فأثر اختلاطه بهم في أدبه وعقله، ولم تكد علاقاته تتوثق بالبغداديين حتى فوجئ بنعي أمه وكان والده قد توفي قبلها، فأصيب بصدمة شديدة من هذا الحدث، ورجع إلى المعرة سنة 400هـ حيث اعتزل الناس إلا تلاميذه وقنع من الطعام بالنبات دون الحيوان ولم يتزوج وظل ذلك حاله حتى توفي سنة 449هـ

عصر أبي العلاء:

عايش أبو العلاء عصور التفكك والاضطراب في جسد الدولة الإسلامية الموحدة فلقد تفككت عرى الدولة العباسية وانقسم العالم الاسلامي الى دويلات صغيرة وإن ظلت مرتبطة بالخلافة العباسية اسميا وروحيا على الأمل.

وقد كانت امارة حلب التي تتبعها المعرة عرضة للصراع بين الحمدانيين والفاطميين تارة وبين قبائل البدو والروم تارة اخرى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير