تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[معلقة عنترة بن شداد]

ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[28 - 07 - 2008, 05:23 م]ـ

معلقة عنتر بن شداد

هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَرَدَّمِ

أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّمِ

يَا دَارَ عَبْلةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِي

وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي

فَوَقَّفْتُ فيها نَاقَتي وكَأنَّهَا

فَدَنٌ لأَقْضي حَاجَةَ المُتَلَوِّمِ

وتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَا

بالحَزنِ فَالصَّمَانِ فَالمُتَثَلَّمِ

حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْدُهُ

أَقْوى وأَقْفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَمِ

حَلَّتْ بِأَرض الزَّائِرينَ فَأَصْبَحَتْ

عسِراً عليَّ طِلاَبُكِ ابنَةَ مَخْرَمِ

عُلِّقْتُهَا عَرْضاً وأقْتلُ قَوْمَهَا

زعماً لعَمرُ أبيكَ لَيسَ بِمَزْعَمِ

ولقد نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْرهُ

مِنّي بِمَنْزِلَةِ المُحِبِّ المُكْرَمِ

كَيفَ المَزارُ وقد تَربَّع أَهْلُهَا

بِعُنَيْزَتَيْنِ وأَهْلُنَا بِالغَيْلَمِ

إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَا

زَمَّت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِمِ

مَا رَاعَني إلاَّ حَمولةُ أَهْلِهَا

وسْطَ الدِّيَارِ تَسُفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ

فِيهَا اثْنَتانِ وأَرْبعونَ حَلُوبَةً

سُوداً كَخافيةِ الغُرَابِ الأَسْحَمِ

إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ

عَذْبٍ مُقَبَّلُهُ لَذيذُ المَطْعَمِ

وكَأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيْمَةٍ

سَبَقَتْ عوَارِضَها إليكَ مِن الفَمِ

أوْ روْضةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَا

غَيْثٌ قليلُ الدَّمنِ ليسَ بِمَعْلَمِ

جَادَتْ علَيهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ

فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَمِ

سَحّاً وتَسْكاباً فَكُلَّ عَشِيَّةٍ

يَجْرِي عَلَيها المَاءُ لَم يَتَصَرَّمِ

وَخَلَى الذُّبَابُ بِهَا فَلَيسَ بِبَارِحٍ

غَرِداً كَفِعْل الشَّاربِ المُتَرَنّمِ

هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَهُ بذِراعِهِ

قَدْحَ المُكَبِّ على الزِّنَادِ الأَجْذَمِ

تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ

وأَبِيتُ فَوْقَ سرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَمِ

وَحَشِيَّتي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى

نَهْدٍ مَرَاكِلُهُ نَبِيلِ المَحْزِمِ

هَل تُبْلِغَنِّي دَارَهَا شَدَنِيَّةَ

لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَرَّمِ

خَطَّارَةٌ غِبَّ السُّرَى زَيَّافَةٌ

تَطِسُ الإِكَامَ بِوَخذِ خُفٍّ مِيْثَمِ

وكَأَنَّمَا تَطِسُ الإِكَامَ عَشِيَّةً

بِقَريبِ بَينَ المَنْسِمَيْنِ مُصَلَّمِ

تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ كَما أَوَتْ

حِزَقٌ يَمَانِيَّةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِمِ

يَتْبَعْنَ قُلَّةَ رأْسِهِ وكأَنَّهُ

حَرَجٌ على نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّمِ

صَعْلٍ يعُودُ بِذِي العُشَيرَةِ بَيْضَةُ

كَالعَبْدِ ذِي الفَرْو الطَّويلِ الأَصْلَمِ

شَرَبَتْ بِماءِ الدُّحرُضينِ فَأَصْبَحَتْ

زَوْراءَ تَنْفِرُ عن حيَاضِ الدَّيْلَمِ

وكَأَنَّما يَنْأَى بِجانبِ دَفَّها الـ

وَحْشِيِّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّمِ

هِرٍّ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَتْ لهُ

غَضَبَ اتَّقاهَا بِاليَدَينِ وَبِالفَمِ

بَرَكَتْ عَلَى جَنبِ الرِّدَاعِ كَأَنَّما

بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ

وكَأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُقْعَداً

حَشَّ الوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقُمِ

يَنْبَاعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَةٍ

زَيَّافَةٍ مِثلَ الفَنيقِ المُكْدَمِ

إِنْ تُغْدِفي دُونِي القِناعَ فإِنَّنِي

طَبٌّ بِأَخذِ الفَارسِ المُسْتَلْئِمِ

أَثْنِي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فإِنَّنِي

سَمْحٌ مُخَالقَتي إِذَا لم أُظْلَمِ

وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِلٌ

مُرٌّ مَذَاقَتُهُ كَطَعمِ العَلْقَمِ

ولقَد شَربْتُ مِنَ المُدَامةِ بَعْدَما

رَكَدَ الهَواجرُ بِالمشوفِ المُعْلَمِ

بِزُجاجَةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ

قُرِنَتْ بِأَزْهَر في الشَّمالِ مُقَدَّمِ

فإِذَا شَرَبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِكٌ

مَالي وعِرْضي وافِرٌ لَم يُكلَمِ

وإِذَا صَحَوتُ فَما أَقَصِّرُ عنْ نَدَىً

وكَما عَلمتِ شَمائِلي وتَكَرُّمي

وحَلِيلِ غَانِيةٍ تَرَكْتُ مُجدَّلاً

تَمكُو فَريصَتُهُ كَشَدْقِ الأَعْلَمِ

سَبَقَتْ يَدايَ لهُ بِعاجِلِ طَعْنَةٍ

ورِشاشِ نافِذَةٍ كَلَوْنِ العَنْدَمِ

هَلاَّ سأَلْتِ الخَيلَ يا ابنةَ مالِكٍ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير