تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المقامة الحنّاشيّة!!!

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 03:58 ص]ـ

المقامة الحنّاشيّة:

حدّثني الذي لا أشكّ في كذبه قطّ، قال:

خرجت إلى السوق أمس ِ، لأزيل الهمّ والغمّ عن نفسي، ففي مرأى الخيار، وشراء حثالة الخضار، راحة للقلب،

مهما لحقني من عار ٍ، فأنا ممن يردّدون قول الشاعر:

بعْ نفسك واربح رمّانه = فالعمر دراهم رنّانه

ورحت أطوف الأسواق بلوعةٍ وحرقةٍ وأشواق، بحثا عن سلعة رماها بائع، أو لفظها جائع.

فأنا مستعدٌّ لرميي (الباس) أمام الناس، طالما جيبي بعيدُ المساس.

وفجأة رأيت (سحّارة) بندورا، فوقفت أمامها مسحورا، كلّ حبّة حمراء، تحاكي وجنة بكر عذراء، وقد انتظمت الحبات الحمراء،

كأنها نجومٌ تحترق في كبد السماء، فسال لعابي، وكدت أمزّق ثيابي.

وأسرعت إلى البائع بلهفة طفل ضائع، وقلت:

بكم هذه السحّارة يا ابن الأكارم!؟

قال: بخمسة دراهم!!

فسقطت مغشيّا على الأرض، وتناثر بعضي فوق بعضي، وقلت:

أبخمسة دراهم سحّارة بندورا!؟

أتراني ممن يلبسون الكَنْدورا!؟

حرامٌ عليك يا ظالم، أليس لديك محارم!؟

وارتفع صوتي بالعويل، والبكاء، متحدّيا كلّ من على الأرض من نساء.

وقفز البائع المسالم، وأخرج من جيبه كلّ الدراهم، وقال:

خذها، خذهم، وابتعد عني، فأنا لم يخبْ فيك ظني ...

فمذ رأيتك في الأسواق، أحسست أنك برميل نفاق.

فأخذت السحّارة والدراهم، وانصرفت سعيدا بالغنائم، أرقص وأهزْهزُ كرشي، وأردّد:

يا ربُ أفضْتَ الخيراتِ = فالشكرُ دوامُ الساعات ِ

أسعفتني بالشكل المزري = وملأتَ العين َ بدمعاتي

لا همّ لديّ سوى كرشي = بالكرش مناي وحياتي

المالُ لديّ معبودٌ = تبّا ً لامرأتي وبناتي


هذه المقامة نظمتها في رجل ثريّ غني، لكنه بخيلٌ أشدّ البخل
وكان كما وصفه الجاحظ، مربّع مدوّر، يسعى بأيّ شكل، لكسب المال، ويحرص عليه كلّ الحرص
لذلك كان يذهب إلى سوق الميناء في أبوظبي، حيث يكون مجمّعا للفواكه والخضروات
وكان يقصد هذا السوق بحثا عن نفايات، وصناديق الخضار والفواكه المتعفّنة والبالية
فجاءت هذه المقامة فيه.

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 04:14 ص]ـ
أهلا بك يا دكتور مروان عدت والعود أحمد
يسعدني أن أكون أول من رأى الحناشي والحناشية ـ ينبغي أن يكون لمقاماتك شخصا معروفا كعيسى بن هشام ـ وزدنا من حديث الذي لا تشك في كذبه.

ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 04:22 ص]ـ
شيخنا الجليل وحبيبنا الغالي وأستاذنا المفضال الشيخ مروان في الميدان وأنا غير دار بهذا المعمعان؟! مرحى مرحى!

ولو كنت أنا مكان البائع، ولست بكائن فيما يبدو من نازلة الحال، لكانت لي مع ذلك البخيل المُدَعْبَل ــ حلق الله ساقيه ــ مقامة عظيمة!

اشتقنا إليك كثيرا أيها الحبيب، فهلا .. هلا وألف غلا!

ـ[خالد مغربي]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 04:50 ص]ـ
إيه، أيها الكريم زدنا، زادك الله رفعة ومقاما

ـ[آمال الجزائر]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 06:57 ص]ـ
رحم الله من لا تشك في كذبه قط!!!
هذه حال من عبد الدرهم والدينار.

ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 10:19 ص]ـ
عودا حميدا دكتور مروان ..

أضحك الله سنك دكتور .. ذاك الرجل ليس ببخيل فحسب .. بل بخيل ولئيم. تمنيت لو أن التاجر لم يعطه شيئا لا الدراهم ولا السحارة تأديبا له: D :rolleyes:... تراه ماذا كان فاعلا حينذاك؟: p

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 01:20 م]ـ
المقامة الحنّاشيّة:
حدّثني الذي لا أشكّ في كذبه قطّ، قال:
خرجت إلى السوق أمس ِ، لأزيل الهمّ والغمّ عن نفسي، ففي مرأى الخيار، وشراء حثالة الخضار، راحة للقلب،
مهما لحقني من عار ٍ، فأنا ممن يردّدون قول الشاعر:

بعْ نفسك واربح رمّانه = فالعمر دراهم رنّانه

ورحت أطوف الأسواق بلوعةٍ وحرقةٍ وأشواق، بحثا عن سلعة رماها بائع، أو لفظها جائع.
فأنا مستعدٌّ لرميي (الباس) أمام الناس، طالما جيبي بعيدُ المساس.
وفجأة رأيت (سحّارة) بندورا، فوقفت أمامها مسحورا، كلّ حبّة حمراء، تحاكي وجنة بكر عذراء، وقد انتظمت الحبات الحمراء،
كأنها نجومٌ تحترق في كبد السماء، فسال لعابي، وكدت أمزّق ثيابي.
وأسرعت إلى البائع بلهفة طفل ضائع، وقلت:
بكم هذه السحّارة يا ابن الأكارم!؟
قال: بخمسة دراهم!!
فسقطت مغشيّا على الأرض، وتناثر بعضي فوق بعضي، وقلت:
أبخمسة دراهم سحّارة بندورا!؟
أتراني ممن يلبسون الكَنْدورا!؟
حرامٌ عليك يا ظالم، أليس لديك محارم!؟
وارتفع صوتي بالعويل، والبكاء، متحدّيا كلّ من على الأرض من نساء.
وقفز البائع المسالم، وأخرج من جيبه كلّ الدراهم، وقال:
خذها، خذهم، وابتعد عني، فأنا لم يخبْ فيك ظني ...
فمذ رأيتك في الأسواق، أحسست أنك برميل نفاق.
فأخذت السحّارة والدراهم، وانصرفت سعيدا بالغنائم، أرقص وأهزْهزُ كرشي، وأردّد:

يا ربُ أفضْتَ الخيراتِ = فالشكرُ دوامُ الساعات ِ
أسعفتني بالشكل المزري = وملأتَ العين َ بدمعاتي
لا همّ لديّ سوى كرشي = بالكرش مناي وحياتي
المالُ لديّ معبودٌ = تبّا ً لامرأتي وبناتي

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير