[واللبيب من الإشارة يفهم]
ـ[محمد سعد]ــــــــ[20 - 08 - 2008, 11:37 م]ـ
[واللبيب من الإشارة يفهم]
هذا المثل لا يتحدّث عن الإشارة، وإنما عن الذكاء والنباهة، وهذه مجموعة من التلميحات أخذت من كتب التراث تظهر درجة عالية من النباهة عند اصحابها:
حُكي أن أبا العلاء المعري كان يتعصب للمتنبي وشَرَح ديوانه وسماه (معجز أحمد) فحضر يوماً مجلس الشريف الرضي، فجرى ذكر المتنبي فهَضَم المرتضى من جانبه، فقال المعري: لو لم يكن له من الشعر إلاَّ قوله:
لكِ يا منازل في القلوب منازلُ
لكفاه، فغضب المرتضى وأمر بسحبه وإخراجه، وقال للحاضرين: أتدرون ما عنى هذا بذكر هذا البيت؟ قالوا: لا، قال: عني به قول المتنبي:
وإذا أتَتْك مَذمتي من ناقصٍ =فهيَ الشَّهادةُ لي بأني فاضلُ
ـ[محمد سعد]ــــــــ[20 - 08 - 2008, 11:53 م]ـ
ومن لطائف التلميح قصة الهذلي مع المنصور، فقد روى أنه وعده بجائزة ثمَّ نسي، فحَجَّا معاً، ثمَّ مرا في المدينة ببيت عاتكة، فقال الهذلي: يا أمير المؤمنين هذا بيت عاتكة الذي يقول فيه الأحوص:
يا بَيْتَ عاتكة الذي أتَعَزَّلُ =حَذَرَ العدى وبهِ الفؤاد موكلُ
فأنكر عليه المنصور ابتداءه من غير سؤال، ثمَّ أمَرَّ القصيدة على باله ليعلم ما أراد، فإذا فيها:
وأراك تَفْعَلُ ما تقولُ وبعضهم =مَذِقُ اللسانِ يقول مالا يفعلُ
فعلم أنه أشار إلى هذا البيت بتلمحية الغريب، فتذكر ما وعده به، فأنجزه له
عن معاهد التنصيص
ـ[محمد سعد]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 12:03 ص]ـ
ومن التلميح بهذا (في نفس البيت) ما حكاه صاحب الحدائق أن الفتح بن خاقان ذكر ابن الصائغ في كتابه المسمى بقلائد العقيان فقال فيه: رمد عيد الدين، وكمد نفوس المهتدين، اشتهر سخفاً وجنوناً، وهجر مفروضاً ومسنوناً، فما يتشرَّع، ولا يأخذ في غير الأَضاليل ولا يشرع، ناهيك من رجل لا يتطهر من جنابه، ولا يظهر مخائل إنابه. فبلغ ابن الصائغ انتقاصه له، فمر يوماً على الفتح وهو جالس في جماعة، فسلم على القوم وضرب على كتف الفتح، وقال له: شهادة يا فتح، ومضى، فلم يدرِ أحد ما قال إلاَّ الفتح، فتغير لونه، فقيل: ما قال لك؟ فقال: إنِّي وصفته بما تعلمون في كتابي، فما بلغت بذلك عشر ما بلغ هو مني بهذه الكلمة، إنَّه يشير بها إلى قول المتنبي:
وإذا أتتكَ مذمَّتي من ناقصٍ =فهيَ الشَّهادة لي بأنِّي فاضلُ
ـ[بثينة]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 12:40 ص]ـ
رائعة من روائعك استاذ
سلمت يدك
ـ[محمد سعد]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 05:51 ص]ـ
ومن التلميح البديع قول أبي فراس أيضاً:
وقد علمت أمي بأن مَنِيَّتي =بحد سِنانٍ أو بحدّ قضيبِ
كما علمت من قبلِ أن يغرق ابنُها =بمُهْلَكهِ في الماء أمُّ شبيبِ
يشير إلى ما رأته أم شبيب الخارجي في منامها وهي حامل به من أن ناراً خرجت من بطنها فاشتعلت الآفاق، ثمَّ وقعت في ماء فانطفأت، فلما كان من أمره ما كان ونعي إليها غير مرة لم تصدق، حتَّى قيل لها: إنه قد غرق، فصدّقت، وأقامت المناحة عليه.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 10:10 ص]ـ
بوركت أخي الكريم محمد على ماقدمته هنا من مادة ماتعة فيها الفائدة واسم لي أن أورد هذا الحديث الشريف:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: أنى لأعلم إذا كنتِ عنى راضية وإذا كنتِ عنى غضبى ..
أما إذا كنتِ عنى راضية فإنك تقولين لا ورب محمد., وإذا كنتِ عنى غضبى قلتِ: لا ورب ابراهيم؟؟
رواه مسلم
فهل هو من هذا الباب؟!
ـ[مُسلم]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 02:43 م]ـ
موضوع رائع أخي ....
ـ[محمد سعد]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 03:17 م]ـ
بوركت أخي أحمد على ما تقدم، دائما تتحفنا
ولكني أرى الحديث يقع ضمن الإشارة والتلميح لا يتحدّث عن الإشارة، وإنما عن الذكاء والنباهة. من المتلقي فالتلميح يعتمد على المتلقي
ـ[محمد سعد]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 03:19 م]ـ
موضوع رائع أخي ....
شكرًا لمرورك أخي مُسلم
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 04:09 م]ـ
رائع يا أبا فادي
بدا لي سؤال
من الذي قال " اللبيب بالإشارة يفهم "؟
ـ[مُسلم]ــــــــ[22 - 08 - 2008, 03:51 م]ـ
رائع يا أبا فادي
بدا لي سؤال
من الذي قال " اللبيب بالإشارة يفهم "؟
أخى ,,, أظن أن الكلمة أصلها (وكلُّ لبيبٍ بالإشارةِ يفهمُ) لأنها هكذا موزونة على البحر الطويل .... أما قائلها ,, فأنا لا أعرفه: d :)
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[22 - 08 - 2008, 05:36 م]ـ
تنسبه الموسوعة الشعرية إلى حسن حسني الطويراني (1850 - 1897م)، وهو شاعر تركي مستعرب، ولد ونشأ في القاهرة، وتوفي في القسطنطينية. وكان يجيد الشعر والكتابة باللغتين العربية والتركية، وله فيهما مصنفات عديدة ..
يقول:
أُباريكَ في الآداب جهْلاً، وأعلمُ=بأنكَ أدرى الناسِ صاحِ وأعلمُ
لعمري فمنّي ذاك عين سفاهةٍ=ولكن أراكَ مَعْنَ عصْرٍ وأعلمُ
نعمْ إنّما ألْغزْتُ فيه إشارةً=وكلّ لبيب بالإشارة يفهمُ
ولكنْ فما اسمٌ ثلاثُ حروفهِ=بدَتْ ألِفاً صاداً ونوناً تكرّموا؟