لُغَتُنَاْ ....... هوية وجود ....... وإبداع بلا قيود
ـ[عبدالرزاق مواس]ــــــــ[29 - 07 - 2008, 06:46 م]ـ
فسحة أمل ......... بقلم عبدالرزاق حاج مواس
Mawas8*************
لُغَتُنَاْ ....... هوية وجود ....... وإبداع بلا قيود
حبا الله تعالى اللغة العربية بأن جعلها لغة كتابه العظيم , تستمد ثباتها بثباته , وتستمد بقائها من بقائه , فكان هذا الكتاب معيناً خالداً لها , هو أساسها وقاعدتها , وهو الذي يضمن لها الخلود ,
قال تعالى: ? إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ?. (الحجر , آية 9)
ولكن هذا لا يعفينا من المسؤوليات تجاهها , فالمسؤولية كبيرة ليس فقط لأبناء العربية نفسها بل لكل من ينتمي لأمة القرآن ,
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها النّاس إن الرب واحد وإن الدين واحد , وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم , وإنما هي اللسان , فمن تكلم بالعربية فهو عربي.
وإن كان من حقّ اللغة على أصحابها في الظروف العادية أن يُبذل لها أكبر قدر من العناية في الحياة والمجتمع والناس , فإن هذا الحق في مثل هذه الظروف يبدو وكأنه حقّ فوق كل حق آخر. فالحاقدون من غير العرب , أو ممن عاش في الغرب فكان شرقياً في مظهره ,غربياً في تكوينه وفكره, يحاولون طمس معالم لغتنا وهويتنا, فنادوا بتغيير الحرف العربي , وطالبوا بترجمة القرآن الكريم إلى اللهجات العامية, وطالبوا بإحلال اللهجات العامية مكان اللغة الفصيحة التي وصفوها بأنها لغة المتاحف , وأثاروا في وجهها الصعوبات والمشكلات , كادعاء صعوبة تعلمها , أو تعقد قوانينها , ووجوه إعرابها , وعدم صلاحيتها لتعليم العلوم , أو التعليم العالي بصورة عامة.
ولعله لم يحمل قوم على لغة كان لها فضل وجودهم ومكانتهم الإنسانية , على نحو ما حمل ناس منا على لغتهم , فقد اتهموها في نحوها وصرفها , وقالوا فيها مالم يقله مالك في الخمر , وأطالوا في التحدث عن عجزها عن مواكبة التطورات الحضارية وكأنها لم تكن لغة الحضارة الإنسانية على مرِّ العقود.
فقد ابتليت اللغة العربية بتهاونِ وجهل أبنائها المفرط , وكيد أعدائها المحكم ,
ولقد صدق القائل: (ماذلت لغة شعب إلاذل , ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار).
أليس محرجاً أن يتكلم غير العربي بالفصحى , فيعجز الكثير من الناطقين بالعربية عن مجاراته.
صحيح أننا لم نقصر يوماً في إظهار الحمية على لغتنا , وضرورة الحرص عليها , إلا أننا نعاني في الوقت نفسه من عدم الجد والصدق في أعمالنا , حتى أصبحت العربية مجرد شعارات ترفع وتوصيات تقترح.
فالعربية اليوم تنتظر من أهلها أن يعملوا بجد حتى يعيدوا إليها مكانتها , ويمكِّنوا شعوب الأرض من فهمها وهذا لن يكون إلا بتمكينها من أهلها - أولاً – ثم بتمكين غير الناطقين بها منها.
فهي لغة تستحق أن نعمل من أجل خدمتها , وهذا ما يشهد له الآخرون , فقد جاء في مؤتمر عقده المستشرقون في بلاد اليونان: (إن اللغة العربية الفصحى هي اللغة التي تصلح للبلاد الإسلامية والعربية للتخاطب والكتابة والتأليف , وإن من واجب الحكومات في هذه البلاد أن تعنى بنشرها). فهؤلاء عرفوا أهمية اللغة العربية الفصحى في حين أن الكثير من أبناءها يجهل ذلك.
صحيح أن اللغة العربية قديمة لكنها مع قدمها متواصلة مع الحداثة , لكونها لغة العولمة ,ولعل هذا التواصل هو من أهم خصائصها , فلولاه لأصبحت مجرد طلاسم يعنى بفكها علماء التاريخ والآثار, ونرى هذا التواصل واضحاً عندما يستطيع أهل العربية بعد مرور أكثر من ألف ونصف الألف من السنين على شعر الحقبة الجاهلية , أن يفهموا ما أنتجته قرائح الأدباء والخطباء و السجَّاعين ومحاوراتهم , في حين يصعب على الإنجليزي المعاصر أن يفهم لغة شكسبير مع قصر الحقبة بين ما كتب شكسبير والانجليزي المعاصر.
والحقيقة أننا لا نهمل جهود العديد من البلاد العربية للحفاظ على أصالة اللغة العربية , وإن تفاوت النشاط وتمايز الجني المحصول.
وفي الختام أقول إن في ماضينا المجيد, وتراثنا الحافل , وحاضرنا النشيط , ومستقبلنا الواعد , ما يشحذ الهمم , ويرفع العزيمة , وستبقى اللغة العربية أماً تجتمع العرب والمسلمون تحت كنفها مهما اختلفت أجناسهم , فهي اللغة التي نزل بها كتاب الله من فوق سبع سموات , وهي اللغة التي سيتخاطب بها أهل السعادة في جنة الله.
وجزا الله الشاعر خيراً حيث قال:
أيا لغةَ القرآنِ أنتِ حياتُنا ومِرآتُنا فيمَا نقولُ ونفعلُ
جذُوركِ في التَّاريخ شتَّى عمِيقة وتَاجكِ في أفقِ العلا يتوقَّلُ
تحيَّة إكبارٍ وحبٍّ متيَّمٍ لِعينيكِ ما يَلْقى ومَا يتحمَّلُ
لعلَّ اللَّيالي السُود تنجابُ في غدٍ ويُشْرِقُ صبحٌ بالعَدالةِ مقبِلُ
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[30 - 07 - 2008, 02:37 ص]ـ
حياك الله
حديث ممتع
ـ[أم أسامة]ــــــــ[30 - 07 - 2008, 03:29 ص]ـ
جزيت خيراً ... أخي عبد الرزاق ...
وبوركت ...
¥