تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رباعيات الخيام]

ـ[أم عبد الله ان شاء الله]ــــــــ[30 - 07 - 2008, 08:09 ص]ـ

سمعتُ صوتاً هاتفاً في السّحَر

نادَى مِن الحانِِ: غُفاةَ البشَر

هبُّوا امْلأوا كأسَ الطّلَى قبَل أن

تَفعَمَ كأسَ العمرِ كفُّ القدَر

أحسُّ في نفسي دبيب الفناء

ولم أُصِبْ في العيشِ إلاّ الشقاء

يا حَسْرَتَا إن حانَ حيني ولم

يُتَحْ لفكري حلُّ لُغزِ القضاء

أَفِقْ وهاتِ الكأسَ أَنْعمْ بها

واكشفْ خفايا النفس مِن حُجْبِها

ورَوِّ أوصالي بها قَبلَما

يُصاغ دَن ُّ الخمر مِن تُربها

تروحُ أيامي ولا تَغْتَدِي

كما تَهُبُّ الريحُ في الفَدْفَد ِ

وما طويتُ النفس همّاً عَلى

يومين: أمسِ المُنْقَضى والغدِ

غدٌ بُِظهرِ الغيبَ واليوم لي

وكم يخيبُ الظنُّ في المُقْبِلِ

ولَستُ بالغافلِ حتى أرى

جمالَ دنيايَ ولا أجْتَلي

سمعتُ في حلمي صوتاً أهابَ

ما فتَّقَ النّومُ كِمام َ الشبابَ

أَفِقْ فإنَّ النّوم صِنْو ُ الرَّدى

واشرب فَمَثْواكَ فراشُ الترابَ

قَد مزَّق البدرُ ستَارَ الظلام

فاغْنَمْ صَفَا الوقت وهات المُدام

واطرب فإنَّ البدر مِن بعدنا

يَسْري علينا في طِباقِ الرَّغام

سأنْتَحي الموتَ حثيثَ الورود

ويَنمحي اسمي مِن سجِل الوجود

هات أسقنيها يا مُنى خاطري

فغايةُ الأيام طولُ الهجود

هات أسقنيها أيهذا النديم

أُخَضِّب ُ مِن الوجهِ اصِفرارَ الهموم

وإن أمُتْ فاجعَل غسولي الطِّلى

وقُدَّ نعشيَ مِن فروعِ الكروم

إن تُقتلَع مِن أصلِها سَرْحَتي

وتصبحِ الأغصانُ قَد جفَّتِ

فصغْ وعاء الخمر مِن طينتي

واملأهُ تَسْرِ الروحُ في جثتي

لَبستُ ثوبَ العيش لم أُُسْتَشََر

وحِرتُ فيه بين شتّى الفِكَر

وسوفَ أَنْضُو الثوب عنّي ولم

أُدرك لماذا جئتُ، أينَ المقر

طَوت يدُ الأقدار سِفْر َ الشباب

وصوَّحت تلكَ الغصونُ الرِّطاب

وقَد شدا طيرُ الصبى واختفى

متى أتى؟ يا لهفا! أينَ غاب؟

الدهرُ لا يعطي الَّذي نأملُ

وفي سبيلِ اليأس ما نَعمَلُ

ونحنُ في الدُنيا علَى همّها

يسُوقنا حادي الردى المُعجّلُ

أفق خفيفَ الظِّل هذا السّحَر

وهاتها صرفاً ونَاغِ الوتر

فما أطاَل النّوم عمراً ولا

قصَّر في الأعمارِ طول السهَر

اِشْرَبْ فَمَثْواكََ الترابُ المَهيلِ

بلا حبيب مؤنِسٍ أو خليل

وانْشَقْ عبيرَ العيش في فجرهِ

فليسَ يزهو الورد بعدَ الذبولِ

كم آلم الدهرُ فؤاداً طعين

وأسلم الروحَ ظعين ٌ حزين

وليسَ ممَن فاتَنا عائدٌ

أسألهُ عن حالةِ الراحلين

يا دهرُ أكثرتَ البلى والخراب

وَسُمْتَ كُلّ الناس سوء العذاب

ويا ثرى كم فيكَ مِن جوهرٍ

يبينْ لو يُنبَش هذا التراب

وكم توالى الليل بعدَ النهار

وطالَ بالأنجمِ هذا المدار

فامشِ الهوينا إنَّ هذا الثرى

مِن أعين ساحرةِ الإحْوِرار

أينَ النديم السمح أينَ الصبوح

فقد أَمَضَّ الهمُّ قلبيَ الجريح

ثلاثةٌ هنّ أحبُّ المُنى

كأسٌ وأنغامٌ ووجهٌ صبيح

نفُوسنا ترضى احتِكام الشراب

أرواحنا تفدي الثنايا العِذاب

وروح هذا الدنَّ نستّلهُ

ونستقيهِ سائِغاً مُستطَاب

يا نفس ماهذا الأسى والكدر

قَد وقعَ الإثم وضاع الحذر

هَل ذاقَ حلوَ العفوِ إلاّ الَّذي

أذنبَ والله عفَا واغتفر

نلبسُ بينَ الناس ثوبَ الرِّياء

ونحنُ في قبضةِ كفّ القضاء

وكم سعينا نرتجي مهرباً

فكانَ مسعَانَا جميعاً هباء

لم تَفتَحِ الأنفسُ بابَ الغيوب

حتى تَرى كيفَ تسأم القلوب

ما أتعس القلبَ الَّذي لم يَكد

يلتئم حتى أَنْكَأَتْه الخطوب

عامل كأهليك الغريبَ الوفي

واقطع مِن الأهلِ الَّذي لا يفي

وعِفْ زلالاً ليسَ فيه الشفا

واشرب زعافَ السمّ لو تشتفي

أحسن إلى الأعداء والأصدقاء

فإنَّما أُنس القلوب الصفَاء

واغفر لأصحابكَ زلاّتهم

وسامح الأعداء تَمْحُ العِداء

عاشر مِن الناسِ كبار العقول

وجانب الجهّال أهل الفضول

واشرب نقيعَ السمّ مِن عاقلٍ

واسكب علَى الأرضِ دواء الجهول

أطفىء لظَى القلب ببرد الشراب

فإنَّما الأيام مثلَ السحَاب

وعيشُنا طيف خيالٍ، فَنل

حظّكَ منهُ قبلَ فَوْتِ الشباب

بستانُ أيامك نامي الشجَر

فكيفَ لا تقطفُ غَضَّ الثمَر

اشرب فهذا اليوم إن أَدْبَرَتْ

به اللَّيالي لم يُعِدْهُ القدر

جادت بساطَ الروض كفُّ السحَاب

فنزِّهِ الطرْفَ وهاتِ الشراب

فهذه الخضرةُ مِن بِعدنا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير