تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الرجز الحربي]

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 08:42 م]ـ

الرجز

للرجز سحر في النفوس وهو يعطي النفس البشرية دافعا معنويا حين تكون في حاجة إليه، فنجد الشجعان يرتجزون وسط النقع تحت السيوف وهذا أيضا فضل شجاعة حين يجد المقاتل فرصة يرتجز فيها من نظمه أو يتمثل بشعر غيره ولم يشغله الضرب والطعن والرمي والكر والفر عن الارتجاز فساند فعله بقوله وفخر بنفسه وسكنها وثبتها وضرب لها الأمثال فزادته قوة وهيبة وإقداما وهذه نماذج من ذلك:

في أحد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يأخذ سيفي هذا بحقه؟ فقام إليه رجال فأمسكه عنهم حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة فقال: وما حقه يا رسول الله؟ قال: أن تضرب به العدو فينحني. قال: أنا آخذه بحقه فأعطاه إياه فلما أخذه من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته الحمراء فعصب بها رأسه وخرج يقول:

إني امرؤ عاهدني خليلي=ألا أقوم الدهر في الكيولِ

أضرب بسيف الله والرسولِ=ضربَ غلام ماجد بُهْلولِ

ثم جعل يتبختر بين الصفين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن. وجعل أبو دجانة يخترق الصفوف لا يلقى أحدا إلا قتله.

ومن رجزهم أيضا:

لبِّث قليلا يدرك الهيجا حَمَلْ=لا بأس بالموت إذا حان الأجَلْ

وفي يوم مؤتة حين حمي الوطيس وجندلت الرجال وسالت الدماء وقتل زيد بن حارثة أخذ الراية جعفر بن أبي طالب الراية وارتجز:

ياحبذا الجنة واقترابها=طيبة وباردا شرابها

والروم روم قد دنا عذابها=كافرة بعيدة أنسابها

علىّ إذ لاقيتها ضرابها

ثم لم يلبث أن قتل فأخذ الراية عبد الله بن رواحة وتقدم يرتجز:

أقسمت يا نفس لتنزلنّهْ=لتنزلن أو لتكرهنّهْ

إن أجلب الناس وشدو الرّنّهْ=ما لي أراك تكرهين الجنهْ

ويقول:

يا نفس إلا تقتلي تموت=هذا حمام الموت قد صليتِ

وما تمنيتِ فقد أعطيتِ=إن تفعلي فعلهما هديتِ

كان في بني ليث رجل جبان بخيل فخرج قومه غازين وبلغ ذلك ناسا من بني سليم وكانوا أعداء لهم فلم يشعر الرجل إلا بخيل قد أحاطت بهم فذهب يفر فلم يجد مفرا ووجدهم قد أخذوا عليه كل وجه فلما رأى ذلك جلس ثم نثل كنانته وأخذ قوسه وقال:

ما علتي وأنا جلد نابلْ=والقوس من نبع لها بلابلْ

يرزُّ فيها وتر عُنابِلْ=إن لم أُقاتلكم فأمي هابلْ

أكلُّ يوم أنا عنكم ناكِلْ=لا أُطعم القوم ولا أُقاتِلْ

الموت حق والحياة باطِلْ

ثم جعل يرميهم حتى ردهم وجاءهم الصريخ وقد منع الحي فصار بعد ذلك شجاعا سمحا معروفا!.

والأحنف بن قيس بعثه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جيش قِبَل خراسان فبيتهم العدو ليلا وفرقوا جيوشهم أربع فرق وأقبلوا معهم الطبل ففزع الناس وكان أول من ركب الأحنف فأخذ سيفه وتقلده ثم مضى نحو الصوت وهو يقول:

إن على كل رئيس حقَّا=أن يَخْضِب الصَّعدة أو تَنْدَقَّا

ثم حمل على صاحب الطبل فقتله فلما فقد أصحاب الطبل الصوت انهزموا.

وخرج رهم بن حزم الهلالي ومعه أهله وماله يريد النقلة من بلد إلى بلد فلقيه ثلاثون فارسا من بني تغلب فعرفهم وقال: يا بني تغلب شأنكم المال وخلوا الظعينة. فقالوا: رضينا إن ألقيت الرمح. قال: وإن رمحي لمعي!!!

وحمل عليهم يقول:

ردا على آخرها الأتاليا=إن لها بالمشرفي حاديا

ذكرتني الطَّعنَ وكنتُ ناسيا

فقتل منهم رجلا وصرع آخر.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير