[النخلة حين تشجي العربي]
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[25 - 07 - 2008, 03:57 ص]ـ
يرتبط العربي بالنخلة ارتباطا وثيقا متجذرا عبر التاريخ كارتباطه بالناقة والفرس وقد أورد الأديب عبد الله بن محمد بن خميس في كتابه محاضرات وبحوث حديثا شيقا عن النخلة وأورد كثيرا ومنه ما اخترته لكم حيث لقيت فيه مشاعر صادقة فياضة رقيقة أخرجتها النخلة من شعراء تشابهت مواقفهم مع النخلة فكلهم أشجته فجاد بأبيات أحاطتها المشاعر والأحاسيس
رأى عبدالرحمن الداخل صقر قريش نخلة منفردة في رصافة قرطبة بالأندلس فأشجته فقال:
تبدت لنا وسط الرصافة نخلة =تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل
فقلت شبيهي بالتغرب والنوى= وطول التنائي عن بني وعن أهلي
نشأت بأرض أنت فيها غريبة =فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي
سقتك غوداي المزن من صوبها الذي=يسح ويستمري السماكين بالوبل
أما الشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي فيقول من قصيدة يخاطب بها نخلة بأرض الشام حيث لا نخل:
لا أنت نامية ولا أنا نامي=يا نخلة غرست بأرض الشام
عشنا ولكن بانتظار مماتنا=كمعيشة المحكوم بالإعدام
لا فرق بين شبابنا ومشيبنا=فكلاهما وهم من الأوهام
طالت بنا متجمدين حياتنا=لسنا نحسن بنكهة الأعوام
تمضي السنون فلا الثمار نواضج=منا ولا ظل لنا مترامي
في الشام لم أسكن وربي لحظة=لو لم تقيدني بها أسقامي
ربطوا بتربتها جذورك مثلما=ربط السقام بأرضها أقدامي
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[25 - 07 - 2008, 03:58 ص]ـ
وأما الشاعر السعودي عبد الكريم الجهيمان فقد رأى نخلة وحيدة في بلد من بلدان أوروبا فدنا منها وأخذ يصعد بصره ويصوبه نحوها ثم قال:
رأيتها فذكرت الطلح والبانا=وكان بي شجن زادته أشجانا
أنست لما رأت عيناي طلعتها=وذكرتني إخوانا وأوطانا
حازت بمظهرها حبي وأورثني=قوامها اللدن أشواقا وتحنانا
سمت بهامتها عزا ومكرمة=عن الدنيا وعما عاب أو شانا
فأعجبتني بما تبديه من شمم=إني أحب عزيز النفس ما كانا
إذا تقصدها عاد بخاطئة=أعطته من طلعها المحبوب ما زانا
هذا هو النقص عندي في طبيعتها=تعطي المسيئين بالمكيال ملآنا
يا نخلة قد سمت في الأفق هامتها=وأرسلت في الهواء الطلق عسبانا
تلين من نسمات الريح قامتها=والخوص يلقي أغاريدا وألحانا
ترى العسيب يداني خدنه مقة=كأنما هو يبدي الشوق ولهانا
لا غرو أنك عمر الدهر عمتنا=عشنا وإياك أحقابا وأزمانا
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[25 - 07 - 2008, 03:59 ص]ـ
وكذلك كان الشاعر السعودي عبد الله القرعاوي قد شاهد نخلة وحيدة على شاطئ المحيط الهادي في مدينة أنديو الأمريكية فوقف عليها ثم قال على لسانها:
غريب الدار لا وطنا وأهلا=نزلت بساحنا ضيفا فأهلا
أراك تصوب النظرات نحوي=كأنك لم تشاهد قبل نخلا
أو أنك سابح في التيه روحا=أو أنك في الفلا مجنون ليلى
أراك بعدت عن أهل ودار=ولكن ما نسيت أخا وخلا
أتيت تسارق الخطوات نحوي=وفي ظلي الحنون ربيت طفلا
وأنفقت السنين بلا هموم=تعلقها على قنو تدلى
وتمرح والصحاب بظل فرعي=يخالط جدكم في اللهو هزلا
أنا للبيت زاد إن أردتم=وحلوى للوليد وكنت أحلى
أنافس في المحبة كل فرد=ورب يتيمة في العقد أغلى
ملأت دياركم رطبا جنيا=وجملّت الحمى جبلا وسهلا
وقفت رقيقة العسبان وحدي=أصارع كالردى ريحا ورملا
بقيت أبية لم أشك يوما=أعيش على الضنى فرعا وأصلا
ولي في الحي تاريخ طويل=تردده الصبا حولا فحولا
وترويه الصحائف مذ قرون=وآية مريم تختال حبلى
ـ[محمد سعد]ــــــــ[25 - 07 - 2008, 05:31 ص]ـ
تسلم أخي زين الشباب على انتقاء هذا الموضوع الجميل، والتنقل بين صفحلات الشعراء.
إذا تكرمت علينا نشاركك بعض الجميل عندك، هذه قصيدة للجواهري:
سلام على هضبات العراق =وشطيه والجرف والمنحنى
على النخل ذي السعفات الطوال =على سيد الشجر المقتنى
على الرطب الغض اذ يجتلى =كوشي العروس وإذ يجتنى
سلام على قمر فوقها=عليها هفا وإليها رنا
تدغدغ اضواؤه صدرها=وتمسح طياتها والثنى
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[25 - 07 - 2008, 08:30 ص]ـ
جميل هذا الاختيار الممزوج بين الجمال والنخيل والاغتراب، بوركت أخي زين الشباب،نتابع حديث الشجن ..
ـ[محمد سعد]ــــــــ[25 - 07 - 2008, 10:32 ص]ـ
لقد اهتم العرب بالنخلة فألفوا العديد من الكتب حولها وبلغ عددها أكثر من عشرين مصدرا" من أشهرها (النخل والكروم) لأبي سعيد عبد الملك الأصمعي / 216 هجرية وكتاب (النخل) لأبي حاتم سهيل السجستاني / 255 هجرية. يقول ابن القيم عن ثمرها بأنه من أكثر الثمار تغذية للبدن، هو فاكهة وغذاء ودواء وشراب. وفي الحديث: ((بيت لا تمر فيه جياع أهله)). وفي رواية البخاري: ((من تصَّبح بسبع تمرات، لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر)).
ـ[محمد سعد]ــــــــ[25 - 07 - 2008, 10:43 ص]ـ
وهذا امرؤ القيس يذكر النخلة في معلقته
وجِيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ=إِذَا هِيَ نَصَّتْهُ وَلاَ بِمُعَطَّلِ
وفَرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِم=أثِيْثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِلِ
¥