[أنواع السرقات الشعرية .. !!]
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[30 - 08 - 2008, 05:10 م]ـ
عرض ابن الأثير الجزري في المثل السائر فصلا طريفا في سرقات الشعراء
وربما يكون هذا الفصل هو الجديد الوحيد الذي جاء به ابن الأثير في هذا الكتاب
ومما جاء فيه:
"واعلم أن علماء البيان قد تكلموا في السرقات الشعرية فأكثروا وكنت ألفت فيه كتابا وقسمته
ثلاثة أقسام: نسخا وسلخا ومسخا.
أما النسخ فهو: أخذ اللفظ والمعنى برمته من غير زيادة عليه مأخوذا ذلك من نسخ الكتاب.
أما السلخ هو: أخذ بعض المعنى مأخوذا ذلك من سلخ الجلد الذي هو بعض الجسم المسلوخ
وأما المسخ فهو: إحالة المعنى إلى ما دونه مأخوذا ذلك من مسخ الآدميين قردة.
وههنا قسمان آخران أخللت بذكرهما في الكتاب الذي ألفته فأحدهما أخذ المعنى مع الزيادة
عليه والآخر عكس المعنى إلى ضده وهذان القسمان ليسا بنسخ ولا سلخ ولا مسخ. "
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[30 - 08 - 2008, 05:12 م]ـ
ثم يتابع في تصنيف هذه الأنواع ويقول في النسخ:
"النسخ
فأما النسخ فإنه لا يكون إلا في أخذ المعنى واللفظ جميعا أو في أخذ المعنى وأكثر اللفظ لأنه
مأخوذ من نسخ الكتاب وعلى ذلك فإنه ضربان:
الأول: يسمى وقوع الحافر على الحافر كقول امرئ القيس:
وقوفاً بها صحبي على مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتحمل
وكقول طرفة:
وقوفا بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجلد
وقد أكثر الفرزدق وجرير من هذا في شعرهما فمنه ما وردا فيه مورد امرئ القيس وطرفة في
أتعدل أحسابا لئاماً حماتها بأحسابنا إني إلى الله راجع
وكقول جرير:
أتعدل أحسابا كراما حماتها بأحسابكم إني إلى الله راجع
ومنه ما تساويا فيه لفظا بلفظ كقول الفرزدق:
وغر قد نسقت مشهرات طوالع لا تطيق لها جوابا
بكل ثنية وبكل ثغر غرائبهن تنتسب انتسابا
بلغن الشمس حين تكون شرقا ومسقط رأسها من حيث غابا
وكذلك قال جرير من غير أن يزيد.
وقد حكي أن امرأة من عقيل يقال لها " ليلى " كان يتحدث إليها الشباب فدخل الفرزدق إليها
وجعل يحادثها وأقبل فتى من قومها كانت تألفه فدخل إليها فأقبلت عليه وتركت الفرزدق
فغاظه ذلك فقال للفتى: أتصارعني فقال: ذاك إليك فقال إليه فلم يلبث أن أخذ الفرزدق
فصرعه وجلس على صدره فضرط فوثب الفتى عنه وقال: يا أبا فراس هذا مقام العائذ
بك والله ما أردت ما جرى فقال: ويحك والله ما بي أنك صرعتني ولكن كأني بابن الأتان
يعني جريرا وقد بلغه خبري فقال يهجوني:
فلو كنت ذا حزم شددت وكاءه كما شد جربان الدلاص قيون
قال: فوالله ما مضى إلا أيام حتى بلغ جريرا الخبر فقال فيه هذين البيتين وهذا من أغرب ما
يكون في مثل هذا الموضع وأعجبه.
ويقال: إن الفرزدق وجريرا كانا ينطقان في بعض الأحوال عن ضمير واحد.
وهذا عندي مستبعد فإن ظاهر الأمر يدل على خلافه والباطن لا يعلمه إلا الله تعالى.
وإلا فإذا رأينا شاعرا متقدم الزمان قد قال قولا ثم سمعناه من شاعر أتى من بعده علمنا
بشهادة الحال أنه أخذه منه وهب أن الخواطر تتفق في استخراج المعاني الظاهرة المتداولة
فكيف تتفق الألسنة في صوغها الألفاظ
ومما كنت أستحسنه من شعر أبي نواس قوله من قصيدته التي أولها:
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء
دارت على فتية ذل الزمان لهم فما يصيبهم إلا بما شاءوا
وهذا من عالي الشعر ثم وقفت في كتاب الأغاني لأبي الفرج على هذا البيت في أصوات معبد
وهو:
لهفي على فتية ذل الزمان لهم فما أصابهم إلا بما شاءوا
الضرب الثاني من النسخ: وهو الذي يؤخذ فيه المعنى وأكثر اللفظ كقول بعض المتقدمين يمدح
معبدا صاحب الغناء:
أجاد طويس والسريجي بعده وما قصبات السبق إلا لمعبد
ثم قال أبو تمام:
محاسن أصناف المغنين جمة وما قصبات السبق إلا لمعبد
وهذه قصيدة أولها:
غدت تستجير الدمع خوف نوى غد
فقال:
وقائع أصل النصر فيها وفرعه إذا عدد الإحسان أو لم يعدد
فمهما تكن من وقعة بعد لا تكن سوى حسن مما فعلت مردد
محاسن أصناف المغنين جمة البيت "
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[30 - 08 - 2008, 05:15 م]ـ
السلخ
وأما السلخ فإنه ينقسم إلى اثني عشر ضربا وهذا تقسيم أوجبته القسمة وإذا تأملته علمت أنه
فالأول: أن يؤخذ المعنى ويستخرج منه ما يشبهه ولا يكون هو إياه وهذا من أدق السرقات
مذهبا وأحسنها صورة ولا يأتي إلا قليلا.
¥