[لذة النص]
ـ[عفاف صادق]ــــــــ[12 - 08 - 2008, 09:06 م]ـ
لقد تساءل رولان بارت عن الأدب وعن اللذة المتأتية من قراءته ودراسته، ولم تكن نتيجة تساؤله هذا منهجية أكاديمية في كتابه"لذة النص"بل جاءت عبارة عن خواطر مصبوبة في فقرات يربط فيما بينها ذلك الشعور بضرورة إبراز الجوانب الجمالية الكفيلة بإثارة عواطف وأحاسيس وأفكار معينة في نفس القارئ.
يرى رولان بارت أن هذه اللذة،المستمدة من القراءات ذات شقين اثنين إن صح التعبير، فهي منهجية اللذةوهي من جهة أخرى الاستمتاع وهو يقصد بهذين المعنين كل ما شأنه أن يبتعد عن دائرة "العصاب"أي أنه لا يضمن هذين المعنيين أي شحنة غريزية مشبوه فيها. وعليه فإن اللذة إنما تتولد من قراءة الأدب الكلاسيكي بمعنى أن القارئ حسب رولان بارتيعرف مقدما حدود المتعة التي يجنيها من مثل هذه القراءةبحكم أنه قد اختبرها في يوم من الأيام في حين أن الاستمتاع إنما يتولد عن قراءة كل ما هو جديد يثير في النفس ما قد يثيره من عواطف وأحاسيس وصورورؤى.أي أن هذا القارئ بدلا من أن يترابط ويتماسك،يتيه، ويختبر تجربة صرف الطاقة المؤدية إلى الاستمتاع الكلي. ويلخص بارت هذا الجانب بقوله: إن جوهر الاستمتاع يكمن في عدم قابليةته للكشف عن ذاته.
فأين يقف طه حسين من مقولة بارت؟ وأين حدود التعامل معها؟
فإذا تحدث طه حسين عن اللذة والمتاع في سياق ما،فإنما لكي يرسخ المعاني النبيلة التي لم تتلطخ بأي شكل من أشكال الإباحية. ومن ثم فإن هذه اللذة غير مرتبطة بغاية إجتماعية معينة، بل هي مرتبطة أشد ما يكون عليه الارتباط بغاية روحية سامية. كبف لا وهو ما أنفك يتحدث عن المثل العليا ويضعها في جوهر ما كتب؟ طه حسين يقرر في العديد من مؤلفاته بأن"الأدب فن جميل ينبغي أن يساق إلى الناس في زي جميل "بمعنى أن اللغة الجميلة والفكرة الراقية عنصران لابد منهما في الابداع الأدبي.
يتبع .........
ـ[محمد سعد]ــــــــ[12 - 08 - 2008, 11:55 م]ـ
الأخت عفاف
حبَّذا لو كان النص موثقًا فهو أجدي للقاريء
مع الشكر
ـ[عفاف صادق]ــــــــ[15 - 08 - 2008, 05:55 م]ـ
ويقول في سياق آخر:"الأدب ليس وسيلة ولا ينبغي أن يكون وسيلة والأديب لا ينشئ أدبه ليحقق هذا الغرض أو ذاك ولا ليبلغ هذه الغاية أو تلك،وإنما الأدب غاية في نفسه، والأديب يكتب لأنه لا يستطيع أن يكتب"وهو بعد ذلك يفسح المجال لكي يلتذ القارئ، ويستمتع بعد أن يتوافر له هذان الشرطان أي شرط الجمال وشرط الغاية في حد ذاتها.
لذلك يجعل مسألة التذوق والاستمتاع مسألة في متناول الجميع كل حسب الزاوية التي ينظر منها إلى المادة الأدبية"خذ الأدب على أنه متعة لروحك وغذاء لقلبك وعقلك، وليكن جمال الأدب حيث يمكن أن يكون. ليكن في الألفاظ أو في المعاني أو في النظم والأسلوب أو في هذا كله. والأدب آخر الأمر فن من الموسيقى بتألف من هذه الأشياءكلها، من الألفاظ والمعاني والأساليب وما يعرض من الصور وما يثير من عواطف وما يبعث من شعور. فليكن جماله شيئا سائغا لا يستطيع أحد أن يقول إنه ينحصر في اللف أو في المعنى أو في الأسلوب".
طه حسين إذن يقارب رولان بارت من ناحية اللذة، لكنه لا يفصل بين هذه الفكرة وقريبته الاستمتاع. والسبب فيما يظهر هو أنه لا يقيم فكرته هذه على مبدإ التعرض مثلما هو الشأن عند بارت ذلك لأن الاستمتاع قد يتحقق حتى في نصوص الأدب الكلاسيكي بمعنى أن النص الكلاسيكي ينطوي على جانب اللذة وينطوي في الوقت نفسه على جانب الاستمتاع.
لأن القارئ عندما يعيد قراءة النص الواحد المعروف واجد ولاشك لذة في ذلك ومكتشف في نفس الوقت لأشياء جديدة تثير فيه عواطف وأحاسيس جديدة وتجعله يصرف تلكم الطاقة المختزنة التي يتحدث عنها رولان بارت.
يتبع ....
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[15 - 08 - 2008, 10:21 م]ـ
تابعي ان معجب جدا برولان بارت رغم أني أختلف معه قليلا ....
بارك الله فيك
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[16 - 08 - 2008, 07:12 م]ـ
"والأديب يكتب لأنه لا يستطيع أن يكتب" ;) ;)!!
ـ[عفاف صادق]ــــــــ[18 - 08 - 2008, 12:54 م]ـ
يقول طه حسين:"ليكن جمال الأدب حيث يمكن أن يكون"وبتعبير آخر لتتم اللذة حيث يمكن لها أن تتم. إنه يشترك في هذه الفكرة مع رولان بارت الذي يرى أن أجمل ما في رواية "البحث عن الزمن الضائع"إنما يكمنفي أسماء العلم الواردة في صلب هذه الرواية لأنها تعيد إليه طفولته التي عاشها وسط مجتمع بورجوازي بمدينة بايون الفرنسية، وتثير فيه مشاعر جديدة تدفع به إلى إنشاء عوالم خاصة به حتى وإن لم يكن روائيا.
واذا جازفي هذا المقام الأخذبهذا المبدإ المشترك بين" طه حسين "و"رولان بارت"فالرأي أن كل نص أدبي يحمل لذته ومتعته في أطوائه تبعا لثقافة القارئ ولذوقه وموقعه في هذه الحياة.
يتبع ...
ـ[عفاف صادق]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 08:05 م]ـ
واللذة عند طه حسين في جانبين:
أولها الأسلوب: لقد نسب البعض خصوصية هذا الأسلوب إلى عاهة طه حسين نفسها، وقال البعض الآخرأن فيه الكثير من التكرار، ورأي آخر يجد فيه تسلسلا قائما على مبدإ التوليد والتضاد.
والجانب الثاني لهذه اللذة موجود في الجانب اللغوي والأسلوبي عند طه حسين.
هناك مبدأ بلاغي عربي قديم يقول: من ملك الفصل والوصل فقد ملك اللغة العربية كلها. والظن أن طه حسين قد امتلك العنصرين فعلا. لقد كان السمع طريقه الأوحد إلى التعلم،وكان القرآن الكريم،ثم الأدب العربي القديم أداتين جوهريتين لاكتساب اللغة العربية الأصيلة وفقا للمعايير التي كانت سائدة في الأيام الذهبية للحضارة الإسلامية، بمعنى أن تقنيات الطباعة التي عرفتها اللغة العربية خلال القرن التاسع عشر وما أدخلته في هذه اللغة من ضرورات التنقيط الذي أدى إلى تحوير التركيب العربي_هذه العناصر كلها_لم تؤثر في أسلوب طه حسين لأنه كان قد أخذه من ينابيعه الأولى وبذلك وصلتنا لغته في أصفى وجوهها وأنقاها.
يتبع ........
¥