تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

صرمت حبالك بعد وصلك زينبُ

ـ[أبو سهيل]ــــــــ[12 - 08 - 2008, 12:36 ص]ـ

القصيدة الزينبية لصالح بن عبد القدوس

صرمت حبالك بعد وصلك زينبُ = والدهرُ فيه تصرمٌ وتقلب

نشرت ذوائبها التي تزهو بها = سوداً ورأسُك كالثغامة أشيب

واستنفرت لما رأتك وطالما = كانت تحن إلى لقاك وترغب

وكذاك وصلُ الغانيات فإنه =آلٌ ببلقعة وبرقٌ خلب

فدع الصبا فلقد عداك زمانه = وازهد فعمرك مر منه الأطيب

ذهب الشبابُ فما له من عودةٍ = وأتى المشيبُ فأين منه المهرب

دع عنك ما قد كان في زمن الصبا = واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب

واذكر مناقشة الحساب فإنه = لا بد يحصى ما جنيت ويكتب

لم ينسه الملكان حين نسيته = بل أثبتاه وأنت لاه تلعب

والروح فيك وديعة أودعتها = ستردها بالرغم منك وتسلب

وغرور دنياك التي تسعى لها = دارٌ حقيقتها متاع يذهب

والليل فاعلم والنهار كلاهما = أنفاسنا فيها تعد وتحسب

وجميع ما خلفته وجمعته = حقاً يقيناً بعد موتك ينهب

تباً لدار لا يدوم نعيمها = ومشيدها عما قليل يخرب

فاسمع هديت نصيحة أولاكها = برٌ نصوح للأنام مجرب

صحب الزمان وأهله مستبصراً = ورأى الأمور بما تثوب وتعقب

لا تأمن الدهر الخئون فإنه = مازال قدماً للرجال يؤدب

وعواقب الأيام في لذاتها = غصص يذلُّ لها الأعز الأنجب

فعليك تقوى الله فالزمها تفز = إن التقي هو البهي الأهيب

واعمل بطاعته تنل منه الرضا = إن المطيع له لديه مقرب

واقنع ففي بعض القناعة راحةٌ = واليأس عما فات فهو المطلب

فإذا طمعت كسيت ثوب مذلة = فلقد كسي ثوب المذلة أشعب

وتوق من غدر النساء خيانةً = فجميعهن مكايدٌ لك تنصب

لا تأمن الأنثى حياتك إنها = كالأفعوان يراع منه الأنيب

لا تأمن الأنثى زمانك كله = يوماً ولو حلفت يميناً تكذب

تغرى بلين حديثها وكلامها = وإذا سطت فهي الصقيل الأشطب

وابدأ عدوك بالتحية ولتكن = منه زمانك خائفاً تترقب

واحذره إن لاقيته متبسماً = فالليث يبدو نابه إذ يغضب

إن العدو وإن تقادم عهده = فالحقد باق في الصدور مغيب

وإذا الصديق رأيته متملقاً = فهو العدو وحقه يتجنب

لا خير في ود امرئٍ متملق = حلو اللسان وقلبه يتلهب

يلقاك يحلف أنه بك واثقٌ = وإذا توارى عنك فهو العقرب

يعطيك من طرف اللسان حلاوةً = ويروغ منك كما يروغ الثعلب

وصل الكرام وإن جفوك بهفوةٍ = فالصفح عنهم والتجاوز أصوب

واختر قرينك واصطفيه تفاخراً = إن القرين إلى المُقارنِ ينسب

إن الغني من الرجال مكرمٌ = وتراه يرجى ما لديه ويرهب

ويبشُّ بالترحيب عند قدومه = ويقام عند سلامه ويقربُ

والفقر شين للرجال فإنه = حقاً يهون به الشريف الأنسب

واخفض جناحك للأقارب كلهم = بتذلل واسمح لهم إن أذنبوا

وذر الكذوب فلا يكن لك صاحباً = إن الكذوب يشين حراً يصحب

وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن = ثرثارة في كل نادٍ تخطب

واحفظ لسانك واحترز من لفظه = فالمرء يسلم باللسان ويعطب

والسر فاكتمه ولا تنطق به = إن الزجاجة كسرها لا يشعب

وكذاك سر المرء إن لم يطوه = نشرته ألسنة تزيد وتكذب

لا تحرصن فالحرص ليس بزائدٍ = في الرزق بل يشقي الحريص ويتعب

ويظل ملهوفاً يروم تحيلاً = والرزق ليس بحيلة يستجلب

كم عاجز في الناس يأتي رزقه = رغداً ويحرم كيسٌ ويخيب

وارع الأمانة والخيانة فاجتنب = واعدل ولا تظلم يطب لك مكسب

وإذا أصابك نكبةٌ فاصبر لها = من ذا رأيت مسلماً لا ينكب

وإذا رميت من الزمان بريبةٍ = أو نالك الأمر الأشق الأصعب

فاضرع لربك إنه أدنى لمن = يدعوه من حبل الوريد وأقرب

كن ما استطعت عن الأنام بمعزلٍ = إن الكثير من الورى لا يصحب

واحذر مصاحبة اللئيم فإنه = يعدي كما يعدي السليم الأجرب

واحذر من المظلوم سهماً صائباً = واعلم بأن دعاءه لا يحجب

وإذا رأيت الرزق عز ببلدةٍ = وخشيت فيها أن يضيق المذهب

فارحل فأرض الله واسعة الفضا = طولاً وعرضاً شرقها والمغرب

ولقد نصحتك إن قبلت نصيحتي = فالنصح أغلى ما يباع ويوهب

صالح بن عبد القدوس

استقدمه المهدي من دمشق. قال المرزباني: كان حكيم الشعر زنديقاً متكلماً يقدمه أصحابه في الجدال عن مذهبهم، وقتله المهدي على الزندقة شيخاً كبيراً، وهو القائل:

ما تبلغ الأعداء من جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسه

قال أبو أحمد ابن عدي: صالح بن عبد القدوس بصري ممن كان يعظ الناس بالبصرة ويقص عليهم، وله كلام حسن في الحكمة، فأما في الحديث فليس بشيء كما قال ابن معين، ولا أعرف له من الحديث إلا الشيء اليسير؛ ومن شعره:

يا صاح لو كرهت كفي منادمتي ... لقلت إذ كرهت كفي لها بيني

لا أبتغي وصل من لا يبتغي صلتي ... ولا أبالي حبيباً لا يباليني

ومنه:

قد يحقر المرء ما يهوى فيركبه ... حتى يكون إلى توريطه سببا

ومنه:

أنست بوحدتي فلزمت بيتي ... فتم العز لي ونما السرور

وأدبني الزمان فليت أني ... هجرت فلا أزار ولا أزور

ولست بقائل ما دمت يوماً ... أسار الجند أم قدم الأمير

ومنه:

لا يعجبنك من يصون ثيابه ... حذر الغبار وعرضه مبذول

ولربما افتقر الفتى فرأيته ... دنس الثياب وعرضه مغسول

وضربه المهدي بيده بالسيف فجعله نصفين وعلق ببغداد. وقال أحمد بن عبد الرحمن بن المعبر: رأيت ابن عبد القدوس في المنام ضاحكاً، فقلت له: ما فعل الله بك وكيف نجوت مما كنت ترمى به؟ قال: إني وردت على رب ليس يخفى عليه خافية، وإنه استقبلني برحمته وقال: قد علمت براءتك مما كنت تقذف به. اهـ الوافي بالوفيات

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير