تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يسعى ويبصر. وأما نحن فلا سعي لنا ولا بصر: لما بنا من الجوع؛ ولكن قد وفقنا لرأي واجتمعنا عليه؛ إن وافقنا الملك فنحن له مجيبون. قال الأسد: وما ذاك؟ قال الغراب: هذا الجمل آكل العشب المتمرغ بيننا من غير منفعة لنا منه، ولا رد عائدة، ولا عمل يعقب مصلحة. فلما سمع الأسد ذلك غضب وقال: ما أخطأ رأيك، وما اعجز مقالك، وأبعدك من الوفاء والرحمة؟ وما كنت حقيقا أن تجتري علي بهذه المقالة، وتستقبلني بهذا الخطاب؛ مع ما علمت من أني قد أمنت الجمل، وجعلت له من ذمتي. أو لم يبلغك أنه لم يتصدق متصدق بصدقة هي أعظم أجرا ممن أمن نفسا خائفة، وحقن دما مهدرا؟ وقد أمنته ولست بغادر به. قال الغراب: إني لأعرف ما يقول الملك؛ ولكن النفس الواحدة يفتدى بها أهل البيت؛ وأهل البيت تفتدى بهم القبيلة؛ والقبيلة يفتدى بها أهل المصر؛ وأهل المصر فداء الملك. وقد نزلت بالملك الحاجة؛ وأنا أجعل له من ذمته مخرجا، على ألا يتكلف الملك ذلك، ولا يليه بنفسه، ولا يأمر به أحدا؛ ولكنا نحتال بحيلة لنا وله فيها إصلاح وظفر. فسكت الأسد عن جواب الغراب عن هذا الخطاب. فلما عرف الغراب إقرار الأسد أتى أصحابه، فقال لهم: قد كلمت الأسد في أكله الجمل؛ على أن نجتمع نحن والجمل عند الأسد، فنذكر ما أصابه، ونتوجع له اهتماما منا بأمره، وحرصا على صلاحه؛ ويعرض كل واحد منا نفسه عليه تجملا ليأكله، فيرد الآخران عليه، ويسفها رأيه، ويبينان الضرر في أكله. فإذا فعلنا ذلك، سلمنا كلنا ورضي الأسد عنا. ففعلوا ذلك، وتقدموا إلى الأسد؛ فقال الغراب: قد احتجت أيها الملك إلى ما يقويك؛ ونحن أحق أن نهب أنفسنا لك: فإنا بك نعيش؛ فإذا هلكت فليس لأحد منا بقاء عندك، ولا لنا في الحياة من خيرة؛ فليأكلني الملك: فقد طبت بذلك نفسا. فأجابه الذئب وابن آوى أن اسكت؛ فلا خير للملك في أكلك؛ وليس فيك شبع. قال ابن آوى لكن أنا أشبع الملك، فليأكلني: فقد رضيت بذلك، وطبت عنه نفسا. فرد عليه الذئب والغراب بقولهما: إنك لمنتن قذر. قال الذئب: إني لست كذلك، فليأكلني الملك، فقد سمحت بذلك، وطبن عنه نفسا؛ فاعترضه الغراب وابن آوى وقالا: قد قالت الأطباء: من أراد قتل نفسه فليأكل لحم ذئب. فظن الجمل أنه إذا عرض نفسه على الأكل، التمسوا له عذرا كما التمس بعضهم لبعض الأعذار، فيسلم ويرضى الأسد عنه بذلك، وينجو من المهالك. فقال: لكن أنا في للملك شبع وري؛ ولحمي طيب هني، وبطني نظيف، فليأكلني الملك، ويطعم أصحابه وخدمه: فقد رضيت بذلك، وطابت نفسي عنه، وسمحت به. فقال الذئب والغراب وابن آوى: لقد صدق الجمل وكرم؛ وقال ما عرف ...

ثم إنهم وثبوا عليه فمزقوه.

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[28 - 07 - 2008, 12:28 ص]ـ

شكراً لمشاركتك وحسن اختيارك أخي رعد

نورت الصفحة

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[29 - 07 - 2008, 12:43 م]ـ

قصة السمكات الثلاث

زعموا أن غديراً كان فيه ثلاث سمكاتٍ: كيسةٌ وأكيس منها وعاجزةٌ؛ وكان ذلك الغدير بنجوةً من الأرض لا يكاد يقربه أحدٌ وبقربه نهر جارٍ. فاتفق أنه اجتاز بذلك النهر صيادان؛ فأبصرا الغدير، فتواعدا أن يرجعا إليه بشباكهما فيصيدا ما فيه من السمك. فسمع السمكات قولهما: فأما أكيسهن لما سمعت قولهما، وارتابت بهما، وتخوفت منهما؛ فلم تعرج على شيءٍ حتى خرجت من المكان الذي يدخل فيه الماء من النهر إلى الغدير. وأما الكيسة فإنها مكثت مكانها حتى جاء الصيادان؛ فلما رأتهما، وعرفت ما يريدان، ذهبت لتخرج من حيث يدخل الماء؛ فإذا بهما قد سدا ذلك المكان فحينئذٍ قالت: فرطت، وهذه عاقبة التفريط؛ فكيف الحيلة على هذه الحال. وقلما تنجع حيلة العجلة والإرهاق، غير أن العاقل لا يقنط من منافع الرأي، ولا ييئس على حالٍ، ولا يدع الرأي والجهد. ثم إنها تماوتت فطفت على وجه الماء منقلبة على ظهرها تارةً، وتارةً على بطنها؛ فأخذها الصيادان فوضعاها على الأرض بين النهر والغدير؛ فوثبت إلى النهر فنجت. وأما العاجزة فلم تزلْ في إقبال وإدبار حتى صيدت.

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[29 - 07 - 2008, 12:53 م]ـ

الحمامة المطوقة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير