• قال السيوطي: (ومن أحسنها: المفردات للراغب .... ): من أنفس كتب المتأخرين, ولولا ضيق المقام لتحدثنا عن مسألة مهمة عنده وهي المجال العقلي في تحديد دلالة المفردة بناء على سياقات العرب أي هل يمكن الاجتهاد في تحديد تقييدات اللفظة في مدلول اللغة من خلال سياقات العرب أم لا؟ وهذا يتميز فيه الراغب؛ لذا هو يرى أن بين الألفاظ فروقًا ولا يرى الترادف؛ ولذا نراه دائما يدقق ويميز في اللفظة حتى يحاول أن يضع لها حدًَّا, والكتاب فيه تحرير مدلول اللفظ باستخدام الأسلوب المعجمي والحرص على أصول معاني الكلمات كما عند ابن فارس في مقاييس اللغة, ورتبه على الترتيب الألفبائي وهو مفيد في جانب الاشتقاق بمعنى أننا نعرف الكلمات التي هي من جذر واحد, بينما المتقدمون ساروا على ترتيب السور وميزة هذا أنه الأفضل للحفاظ.
• قال السيوطي: (ولأبي حيان في ذلك تأليف مختصر): هو (تحفة الأريب فيما في القرآن من الغريب) وهو مطبوع وفيه وجازة, ويمكن أن يجعل متنا يستفاد منه في غريب القرآن.
• من كتب غريب القرآن: كتاب السمين الحلبي وذكر فيه تعقبات على الراغب, وكذلك كتاب أبي بكر الرازي (تفسير غريب القرآن) ورتبه على نظام التقفية كالقاموس المحيط، وهناك غير هذه الكتب كثير.
• قال السيوطي: (قال ابن الصلاح: وحيث رأيت في كتب التفسير (قال أهل المعاني) ... ): علم المعاني أوسع من علم الغريب؛ لأنه يشتمل على الغريب ويزيد كذلك ذكر أساليب العرب في خطابهم؛ ولذا يكثر عندهم: (تقول العرب) بناء على أنهم يحكون كيفية كلام العرب, ومن أنفس كتب التفسير التي أفادت من كتب معاني القرآن كتاب (البسيط) للواحدي وهو الآن يعد للطباعة في المراحل الأخيرة, فكتب معاني القرآن تشمل الغريب والنحو والأساليب ومنها ما ينحاز إلى العناية بالمعاني كما هو حال النحاس في كتابه (معاني القرآن) الذي اعتنى فيه بمعاني المفردات والجمل دون الإعراب وجعل للإعراب كتابا مستقلا, وبعض كتب المتأخرين تعتني ببيان معاني الجمل والأساليب ولم تعتن بالإعراب والمفردة على أنها مفردة.
• قال السيوطي: (فصل: معرفة هذا الفن للمفسر ضرورية ..... ): نقول: بناء على قول السيوطي هل يدخل هذا العلم في مرتبة العلم الضروري للمفسر أو لا؟
• نقول: نعم؛ لأنه يتوقف عليه فهم القرآن, فعلم الغريب هو أول لَبِنَاتِ معرفة التفسير؛ لأن عدم معرفة الغريب يورث الجهل بالمعنى, وكذلك ما من آية إلا ويكون فيها دلالات ألفاظ فلو جهلنا معنى (الحمد) أو غيرها فإننا سنجهل المعنى العام للآية.
ومن أهم كتب اللغة التي لم يذكرها السيوطي: كتاب (مقاييس اللغة) لابن فارس (395هـ) فهو من أنفس كتب المتقدمين, ولم يسبق بمثله ولم يأت بعده مثله, وأكبر ميزة في هذا الكتاب هو تأصيل مدلولات المادة اللغوية.
• قد يقول قائل: هل يعقل أن الصحابة الذين نزل القرآن بلسانهم أن يتوقفوا في فهم مدلولات بعض الألفاظ؟
• نقول: هذا مذهب لبعض المتأخرين، فقد زعم أن ألفاظ القرآن معروفة لدى كل واحد من الصحابة.
وهذا ليس بصحيح؛ لأن الآثار قد أثبتت أن بعضهم كان يجهل معاني بعض المفردات، وإذا ثبتت هذه الآثار فإننا نعمد إلى معرفة السبب في جهل الواحد من الصحابة لمدلول بعض الألفاظ.
ولعل من أسباب جهل بعضهم أن هذه المفردة لم تكن من لغة قومه التي يتخاطبون بها, ويدل على ذلك أن الآثار دلَّت على أن من القرآن ما نزل بغير لغة قريش.
ثم نقول: إنه إذا وقع لبعض أفراد الصحابة جَهْلُ بعض المعاني, فإنه ليس فيه إشكال حتى لو كان من كبار الصحابة.
• ابن عباس في تفسيره هل يفسر من جهة اللفظ (اللغة) فقط أو من جهة اللغة والسياق أو من جهة اللغة والسياق والتفسير على المعنى؟
نقول: كلها واردة عنه، فابن عباس يفسر اللفظة بالدلالة العربية المعروفة, وأحيانا يفسر اللفظة حسب السياق, وأحيانا يفسرها بالمعنى, هذا يقع منه ومن غيره من مفسري السلف , وممن اعتنى بربط تفسيراتهم التي على المعنى باللغة: الواحدي في البسيط ويشير إلى هذا أحيانا فيقول: هذا تفسير بالمعنى، وجاء بعده ابن عطية، واقتفى أثره فهل استفاد في هذا من الواحدي أو لا, لا يجزم بشيء من هذا؛ لأنه يلزم منه إثبات اطلاع ابن عطية على تفسير الواحدي، فإن لم يكن اطلع عليه، فإنه يكون من باب وقوع الحافر على الحافر.
• قال السيوطي: (وهذه ألفاظ لم تذكر في هذه الرواية سقتها من نسخة الضحاك): أقول: هذه النسخة كما هو معلوم من جهة الإسناد فيها ضعف واضح, وأوضح شيء فيها هو الانقطاع بين الضحاك (ت105هـ) وابن عباس, ولكن هذه الرواية من حيث الجملة مقبولة عند المتقدمين من المفسرين والمحدثين ولا يتوقفون فيها إلا إذا كان فيها نكارة أو غرابة, وكذلك القول في أمثال هذه الرواية فهي مقبولة, وهي قاعدة في أسانيد التفسير عموما عمل بها ابن كثير وغيره.
• متى لا يجوز الاحتجاج بالشعر على القرآن؟
إذا كان المراد من هذا الشعر إثبات شيء من عربية القرآن؛ لأن ألفاظ القرآن من حيث عربيتها يحتج بها ولا يحتج لها, لكن يجوز الاحتجاج بالشعر إذا كان المراد أن هذا مما استعملته العرب ومعناه كذا, وهو المراد بكلام ابن عباس: (إذا سألتموني عن شيء في القرآن فالتمسوه في الشعر) , وكذلك إذا كان المراد الاحتجاج على الزنادقة والرد عليهم لإثبات عربية القرآن.
• جميع طرق رواية أسئلة نافع بن الأزرق لا يسلم فيها شيء وضعفها شديد, وكذلك لا يوجد فيها مسألة الاحتجاج بالشعر, وكثرة الروايات يوحي بأن لها أصل لكن لا يعرف الصحيح من غيره فلا يعرف مقدار الأسئلة.
وانتظروا بقية الأنواع بإذن الله, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
¥