تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[في نقد الإعجاز العددي]

ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[02 Jan 2008, 10:35 ص]ـ

الموقف المعارض للإعجاز العددي

الإعجاز العددي هو وجه من الإعجاز حديث، وبالتالي فإن وجود فئة من المعارضين له، هي ظاهرة طبيعية، فهذه حال كل جديد، أن يجد من الناس من يحتفي بولادته، ومن يرفض الاعتراف به لسبب أو لآخر، ومن يتردد في قبوله أو يتخذ منه موقفا وسطا. إلا أن هذه المواقف عادة ما تبدأ بالتغير وربما بالتلاشي إذا تبين لهؤلاء أن في وجود هذا العلم الجديد فائدة للمسلمين. وهذا ما حصل فعلا حينما أشار الخليفة عمر رضي الله عنه على الخليفة أبي بكر رضي الله عنه بجمع القرآن، فقد تردد أبو بكر في هذا العمل لأنه رأى فيه عملا جديدا، فلما تبين له صواب هذا الرأي عمل به وقام بجمع القرآن. وتكرر المشهد حينما تم تنقيط المصحف وتشكيله بالحركات، وكذلك حين ترقيم آياته، فقد انقسم الناس بين مؤيد ومعارض،وكادت تحدث بسبب ذلك فتنة، فلما ظهر للناس الخير في ذلك العمل،قبلوا به وانتقل المعارضون إلى صف المؤيدين .. والمعارضة في رأينا ظاهرة صحية، تعني الحرص على كتاب الله قبل كل شيء، وقد تمتلك القدرة على التوجيه، والمشاركة في تصويب الخطأ، كما قد تمتلك المنهج والموضوعية وقوة الفكرة والطرح البديل، ولكن المعارضة التي تخلو من هذه الصفات، تصبح شيئا من العبث لا طائل من ورائها. (انظر رد الشيخ بسام جرار: موقع نون للدراسات القرآنية).

المعارضة المطلوبة:

إذن فالمعارضة والتردد في قبول الجديد ظاهرة صحية، نرى أنها نابعة من الحرص على القرآن، وإذا كان هذا هو علتها، فنحن معها ويجمعنا بها الهدف الواحد، ولكن المطلوب من هذه المعارضة، أن تكون علمية موضوعية حكيمة تمتلك الحجة وقوة الفكرة والمنهج الموضوعي والبديل المنطقي المقنع، وأن يكون الناطقون باسمها على دراية بما يتحدثون عنه، فليس من المعقول مثلا أن يرفض أحدهم أن عدد حروف البسملة 19 حرفا، متحديا حقيقة ثابتة، فهذا العدد هو فعلا الموجود في المصحف، لأن هناك من يقدس هذا العدد ...

نقد الإعجاز العددي:

حجج المعارضين للإعجاز العددي:

ليس تعصبا لفئة المتحمسين للإعجاز العددي – وأنا منهم – فإنني لم أعثر على أي حجة منطقية مقبولة لدى الطرف المعارض، تبرر رفض الإعجاز العددي والتنكر له جملة وتفصيلا، على نحو يمكن القبول به، ومع ذلك سنورد فيما يلي ما يبرر به المعارضون رفضهم للإعجاز العددي، ونرد على تلك الحجج واحدة واحدة.

(1) تعدد القراءات ومسائل الاختلاف:

لقد اختلف القدماء في كثير من المسائل المتعلقة بعلوم القرآن، نحو عدد آيات القرآن، وترتيب سوره، وأعداد آياتها، ورسم القرآن , وتعدد القراءات، وغير ذلك .. ولما كانت هذه المسائل هي المادة الأولى للباحثين في الإعجاز العددي (ترتيب السور والآيات والكلمات والحروف وأعدادها) فإن ما قد يصل إليه الباحث من نتائج باعتبار قراءة ما، لا ينطبق تماما على القراءات الأخرى، وبالتالي ينتفي فيه وجه الإعجاز المفترض. وبهذا الأسلوب يحتج المعارضون على من يعتبر من الباحثين أن رسم القرآن توقيفي،بأن هناك من الآراء ما يخالف ذلك، وعلى من يعتبر أن عدد آيات القرآن 6236 آية حسب العد الكوفي،بأن هناك أقوالا أخرى غيره، وهكذا. أين الطريق في هذه المتاهة؟ إن اكتشاف إعجاز عددي ما، باعتبار من قال إن رسم القرآن توقيفي،لا يلغيه قول من قال إن رسم القرآن اصطلاحي، كما أن من أخذ بعدد ما لعدد آيات القرآن معتبر في رواية ما،لا يلغيه مخالفته لرواية أخرى، مادام موجودا حقيقة في المصحف الذي نتداوله. وفي النهاية،كيف نبرر رفض ما يكتشف من إعجاز القرآن باعتبار أن الرسم القرآني " العثماني " توقيفي، بحجة أنه اصطلاحي مثلا، ولدينا مئات الأدلة من واقع القرآن تشهد بذلك؟

ولماذا نحول تعدد القراءات وما يترتب عليها من اختلاف في عدد آيات القرآن، إلى مبرر لإلغاء ما يكتشف من إعجاز عددي في إحداها؟ مؤيد بما يكفي من الأدلة ومن واقع المصحف؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير