تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حوار الإسلام اليوم مع الريسوني حول دلالة النصوص والمقاصد والاجتهاد ...]

ـ[أبو عبد العزيز]ــــــــ[21 Jan 2008, 09:48 ص]ـ

أجرى الحوار في موقع الإسلام اليوم عبد الله الرشيد 29/ 12/1428

س: هناك معادلة مشكلة، وهي قدسية النص الشرعي وعصمته، وبشرية فهمنا له القابل للخطأ والزلل. كيف يمكن التعامل مع هذه القضية؟

ج: بشرية الفهم ونسبيته وقابليته للصواب والخطأ هذا أمر لا شك فيه، إذا تجاوزنا صاحب الرسالة -صلى الله عليه وسلم - فجميع الناس، وجميع الصحابة، وجميع العلماء، الأئمة بأفرادهم هم عرضة للصواب والخطأ، في تفسيرهم إلى أي نص وفي استنباطهم منه، وهذا ما قاله الإمام مالك في عبارته الذهبية الشهيرة (كل واحد يُؤخذ من كلامه ويُردّ؛ إلاّ صاحب هذا القبر، مشيراً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) هذا من جهة،.

ولكن من جهة أخرى هذا لا يمكن اتخاذه ذريعة لإسقاط أي فهم وإسقاط أي اجتهاد وإسقاط أي تفسير، ولذلك بعض أصحاب أو أدعياء القراءات الجديدة للقرآن الكريم، يقولون ليس هناك معنى محدد أصلاً للقرآن الكريم لأي آية أو لأي نص قرآني، فضلاً عن النص الحديثي ليس له معنًى محدد لابد أن نعرفه أو أن نصل إليه وهو المقصود، وإنما إلى هذا الحد وصلوا، وإنما الأمر أن معنى النص هو كل ما فهمه أي واحد، كذلك هو المعنى في حق من فهمه، ولا يلزمه إلاّ من فهمه، وهنا بصراحة نصل أو نرجع إلى السفسطة، فلا معنى لأي شيء طبعاً، هذا اتجاه واضح أنه يرمي إلى العبثية بالنصوص وبالمقدسات بل بثوابت العلم؛ لأنه إذا كان هذا الكلام يُقال في حق القرآن الكريم، فلأن يُقال في غيره من باب أولى، فلا معنى لأي نص قانوني تلزموننا به، ولا معنى لأي نص تاريخي يحتمل جميع التفسيرات وجميع الأفهام لا معنى لأي نص أدبي أو فلسفي، وهذا يفضي إلى العبث فإذاً لابد أن تكون المسألة واضحة وحازمة؛ لأنها مسألة علمية وليست مسألة شرعية فقط، فهناك للكلام وللنصوص معاني واضحة ومحددة في أغلب الأحيان ولابد من الرضوخ إلى تلك المعاني الواضحة، وهذه المعاني تتأكد ويتأكد وضوحها ومصداقيتها بقدر ما يقول بها علماء ذوو تمكن وذوو اختصاص وذوو أمانة علمية، وبقدر ما يتزايد عددهم، وبقدر ما تكون هناك قواعد ومسالك واضحة لفهم النصوص وفي مقدمتها دلالة اللغة التي ما فتئ الناس يتفاهمون بها عبر العصور وعبر الأجيال، فإذن تبقى أن هناك نسبة كبيرة من المعاني لا يمكن أن يجادل أحد فيها، من المعاني ومن المضامين ومن الأحكام ومن الاستنباطات على الرغم من بشريتها فإنها تبلغ مبلغ اليقين بسبب وضوحها، وبسبب القواعد التي اعتمدت فيها بسبب القائلين بها.

إذاً قضية نسبية وبشرية الفهم ليست أبداً معبراً ولا ذريعة للتشكيك في جميع الأفهام والاستنباطات، بل هناك ما لا يُحصى من المعاني القطعية الواضحة التي لا يشك فيها إلاّ مكابر وجاحد وعابث.

س: ما هي المعايير العلمية التي يمكن من خلالها محاسبة الأفهام البشرية للنص؟

ج: هذا السؤال تقريباً تكفّلت بالجواب عنه علوم متعددة في مقدمتها علم أصول الفقه، وعلم مناهج التفسير أو قواعد التفسير، وأهم ما يمكن الإحالة عليه؛ لأننا لا يمكن أن نفصل الآن في هذه القضايا، بل إن هناك علوماً تتناولها أهم ما يمكن الإحالة عليه هو كما ذكرت قبل قليل اللغة؛ لأن التشكيك في جميع التفسيرات وجميع الأفهام إنما هو تشكيك في اللغة نفسها، فنحن نتفاهم باللغة، ونفهم تراث العصر العباسي وعصر السلف بل نفهم نصوصاً من العصر الجاهلي، ونفهم نصوصاً أدبية وتاريخية وفلسفية ولا نختلف فيها أو لا نختلف في فهمها إلاّ قليلاً، فإذاً قواعد اللغة كلها تعتبر حاكمة في هذا المجال، اللغة ليست عبثاً، والنصوص التي نزلت بها منزهة عن العبث، فإذن وفق ما يقتضيه اللسان العربي وقواعده اللغوية والنحوية والبلاغية والقواعد الأصولية في هذا المجال كثيرة؛ دلالة الأمر دلالة النهي، دلالة العام ودلالة الخاص، مفهوم المخالفة، حروف المعاني هذه كلها أمور موجودة، بالإضافة إلى أن فهم النص في أي لغة في معظمه لا يحتاج إلى القواعد، وإنما يحتاج إلى القواعد فيما قد يحتمل ويحتمل، وإلاّ فالآن حينما تعطي أي نص لأي عربي يقرؤه، من العسير أن تقول له كيف فهمت منه، كيف فهمت منه أنه يلزمك أن تفعل كذا، هذا مفهوم عند الناس بالبداهة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير