تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المعني الدقيق لحقيقة النسيان عند حفاظ القرآن]

ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[14 Jan 2008, 08:21 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

إنني أنقل هنا مقطعا من كتابي فضائل القرآن وحملته

على أن يتأمل القارئ الكريم المعني الدقيق لحقيقة النسيان عند حفاظ القرآن وهذا لايعفي الحافظ من مداومة التلاوة حتى لا يتفلت القرآن من الصدودر

مدارسة القرآن والقيام به

فإذا ما عاش المؤمن في هذه النعمة العظيمة مع القرآن الكريم، وتفيَّء ظلاله، فأحل حلاله، وحرم حرامه، فما عليه إلا أن يتعاهده من أن يضيع، أو يتفلت؛ وذلك بكثرة تلاوته والقيام به في صلاته وباتخاذ أخ صالح من أهل القرآن أو جماعة يتدارسه معهم. آناء الليل وآناء النهار؛ والأسوة والقدوة في ذلك سيدنا رسول الله الله صلى الله عليه فقد كان يقوم بالقرآن أدني من ثلثي الليل ونصفه؛ وطائفة من الذين آمنوا معه. وقد كان جبريل ـ عليه السلام ـ يدارسه القرآن في كل عام مرة ودارسه في العام الذي توفي الله صلى الله عليه فيه مرتين أخرج البخاري:

_ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان يعرض على النبي الله صلى الله عليه القرآن كل عام مرة فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه ... ) الحديث. (البخاري: 9/ 43/والحديث برقم 4998)

_ وأخرج البخاري ومسلم عن جندب بن عبدالله عن النبي الله صلى الله عليه قال: (اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه). (البخاري: 9/ 101 والحديث برقم 5060 ومسلم برقم2667)

_عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله الله صلى الله عليه قال: (إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت). (البخاري: 9/ 79 كتاب فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده الحديث رقم 5031، ومسلم: 1/ 543 كتاب صلاة المسافر، باب فضائل القرآن وما يتعلق به، والحديث برقم (789).

_ وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله الله صلى الله عليه: (بئس ما لأحدكم يقول: نَسِيتُ آية كيت وكيت، بل هو نُسِّي. استذكروا القرآن؛ فلهو أشد تَفَصِّياً (تَفَصِّيًا: بفتح الفاء وكسر الصاد المهملة الثقيلة بعدها تحتانية خفيفة، أي تفلتا وتخلصا، تقول: تفصيت كذا أي أحطت بتفاصيله والاسم الفصة. ووقع في حديث عقبة بن عامر (تفلتا) الفتح 9/ 81)

من صدور الرجال من النَّعَمِ بعقلها) (البخاري: 9/ 79 كتاب فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده الحديث رقم 5032 ومسلم: 1/ 544 كتاب صلاة المسافر، باب فضائل القرآن وما يتعلق به، والحديث برقم (790)).

كل ذلك لحرص صحابة رسول الله الله صلى الله عليه على القرآن الكريم من أن يتفلت من صدورهم. أخرج الترمذي:

_عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله الله صلى الله عليه (عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أرَ ذنباً أعظم من سورة من القرآن أُتيها رجل ثم نسيها) (الترمذي: 5/ 178 ـ 179 كتاب فضائل القرآن باب / 19 والحديث برقم / 2916)

قال أبو عيسى (يعني الترمذي): هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال القرطبي في كتابه التذكار في أفضل الأذكار بعد أن أورد هذا الحديث:} وكان ابن عيينة يذهب في أن النسيان الذي يستحق صاحبه الذم ويضاف عليه الإثم: هو الترك للعمل به وأن النسيان في لسان العرب: الترك، قال الله تعالى: (فلما نسوا ما ذكروا به) (الأنعام / الآية الكريمة: 44) أي تركوا وقال عز وجل (نسو الله فأنساهم أنفسم) (الحشر / الآية الكريمة: 19) أي تركوا طاعة الله فترك رحمتهم قال سفيان: وليس من اشتهر بحفظ شيء من القرآن وتفلت منه بناس إذا كان يُحل حلاله ويحرم حرامه (التذكار في أفضل الأذكار: 218 ـ 219).

_ فإذا أردت العزة في الدنيا والآخرة، فاقرأ القرآن الكريم، وإذا أردت أن تدَّخر لنفسك الأجر العظيم، والجزاء الأوفى، فاقرأ القرآن العظيم، وإذا أردت أن ترتقي في درجات الجنان، فتكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فاقرأ آيات الكتاب المبين، وإذا أردت أن تكون في تجارة مع الله ـ تبارك وتعالى ـ خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم، فتعال معي واستمع قول رسولك الكريم الله صلى الله عليه: ـ

_ عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصُّفَّة فقال: (أيُّكم يُحبُّ أن يغدو كل يوم إلى بُطْحان، أو إلى العقيق، فيأتي منه بناقتين كوماوينفي غير إثم ولا قطع رحم؟ فقلنا: يا رسول الله كلنا يحب ذلك، قال: (أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد، فيعلم (أو يقرأ) آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل). فإذا أردت القوة والمنعة، وأن تأوي إلى ركن شديد: فعليك بحفظ كتاب ربك العظيم؛ فهو حبل الله المتين ومأدبته والنور المبين الذي لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوم ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، وإن الله عز وجل يأجرك على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، والله يضاعف لمن يشاء؛ والله ذو الفضل العظيم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير