[الشيخ المكي الناصري]
ـ[مولاي عمر]ــــــــ[24 Feb 2008, 07:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[الشيخ المكي الناصري]
ودوره في الإصلاح من خلال تفسيره
مدخل
لقد أحسنت شعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية بتنظيمها لندوة علمية في موضوع النخبة وهو موضوع في غاية الأهمية وأيضا في غاية الراهنية. وفضلا عن ذلك فإني اعتبر الأعمال العلمية أفضل مجال للتعميق تواصلنا الثقافي.
وافترض أن الشخصية التي تتناولها هذه المداخلة شخصية متميزة من جهات متعددة.
ولقد كانت هذه الندوة فرصة لي لأكتشف من جديد معالم شخصية مغربية وجدت نفسها أمام إكراهات كثيرة ولكن أيضا أمام تراث ضخم يجعل المنتسب إليه يتساءل كما تساءل أكثر من واحد وبصيغ متعددة لكن المضمون واحد وهو: ما الذي وقع حتى آل الأمر إلى كل هذا الإنحدار؟
معالم الانخراط في النخبة في حياة الشيخ المكي الناصري
ولد الشيخ محمد المكي الناصري بن محمد اليمني بن سعيد الناصري بمدينة الرباط في ضحى يوم الأربعاء بتاريخ 24 شوال 1324 هـ الموافق 11 دجنبر 1906 م وينحدر من منطقة تاكونيت القريبة من الزاوية الناصرية وقد تدرج في مسالك التكوين المختلفة، وشارك بشكل وازن في قضايا بلده وعصره، إلى أن توفي رحمه الله يوم الثلاثاء 29 ذي القعدة 1414 هجرية الموافق 10 ماي 1994م بالرباط عن عمر يناهز 88 سنة. وقد خلف تراثا ضخما و متنوعا لا يزال يشهد لمكانة الرجل وإسهامه ضمن النخبة المغربية. ويمكن إجمال معالم الانتساب إلى النخبة في حياة الشيخ المكي الناصري في ما يلي:
1 - تنوع التكوين
الحديث عن النخبة يقتضي تنوعا في التكوين وهذا في تقديري أحد المعالم الكبرى التي تغيب في مسالك التكوين المتبعة في جامعاتنا بشكل عام. إن مبرر التخصص لا يعفي من الإلمام بالعلوم والمعارف الأخرى ذلك لأن الجزر المعرفية المنغلقة لا تحدث نخبا رائدة، ولما كانت المطالبة بالتخصص في كل شيء دعوى باطلة من أساسها لم يبق إلا التخصص في حقل معرفي معين مع الإنفتاح على باقي الحقول المعرفية وهذه في نظرنا احد المحددات الأساسية للحديث عن النخبة. وإذا رجعنا إلى شخصية المكي الناصري وجدناه قد سلك مسارا تكوينيا متميزا نجمل مراحله الكبرى في ما يلي:
وجه الشيخ المكي الناصري في بداية حياته كما كانت عادة أبناء جيله إلى حفظ القرآن الكريم ثم إلى تلقي العلوم الشرعية و اللغوية في المعاهد الدينية، وتمتد هذه الفترة إلى سنة 1926.حيث أنهى دراسته الابتدائية و تعليمه الثانوي.
ثم سافر إلى مصر. وكان سفره إلى القاهرة في شهر صفر من عام 1346هـ. ولقد سعى للإلتحاق بمدرسة دار العلوم أو مدرسة القضاء الشرعي لكن القوانين لم تكن تسمح بقبوله فانصرف عنها الأزهر.
ثم التحق بقسم الفلسفة وعلم الاجتماع بالجامعة. ولما أحس الشيخ الناصري بسعي فرنسا لطرده من مصر رحل إلى سويسرا وفيها درس الحقوق لتنتهي رحلته الدراسية بالرجوع إلى تطوان أواخر عام 1933م ليصل إلى الرباط أوائل 1934.
وهكذا فإلى جانب دراسته الواسعة للثقافة الإسلامية وتخصصه فيها، درس الفلسفة وعلم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة، وعلوم التربية بكلية الآداب جامعة باريس، ومادة القانون الدستوري والقانون الدولي العام بكلية الحقوق جامعة جنيف.
ومن أبرز الأساتذة الذين درس عليهم وتأثر بهم: من المغرب: أبو شعيب الدكالي، المدني بن الحسني، محمد السائح، امحمد بنونة، المؤرخ محمد داود ... أما بالقاهرةفتعرف على محب الدين الخطيب، الشيخ الخضر حسين، كما تردد في جامعة الملك فؤاد- جامعة القاهرة – على: طه حسين، أحمد أمين، زكي مبارك، عبد الحميد العبادي، حسن إبراهيم حسن، مصطفى عبد الرازق، منصور فهمي ... وفي سويسرا تعرف على الأمير شكيب أرسلان.
و لقد كان مساره التكوني فرصة للقاء مجموعة من المستشرقين الإيطاليين ومنهم كارلوس ألفونسو نلينو Carlos Alfonso Nallino 1872 ـ 1938 وإغناطيوس جويدي و تتلفظ "إينياتسيو" Ignzio Guidi 1844 ـ 1935.ومن المستشرقين الألمان ومنهم إيّنو ليتمان Enno Litmann (1875 ـ 1958م)، وجوتهلف برجستراسر أو ‘برك شتريزر‘ Gotthelf Bergstrasser 1886 ـ 1933م.
2 - الانخراط في هموم المجتمع وقضاياه
¥