تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وقفات مع تفسير ابن عطية الأندلسي (3)]

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Jan 2008, 10:32 م]ـ

كنت وقف في مثال سابق ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10695) مع مجموعة من تنصيص الإمام ابن عطية على تخريج أقوال السلف في تفسير اللفظ العام ـ بلفظ فيه شبهة التخصيص ـ على أنه من باب التفسير بالمثال، وأسوق لك هنا أمثلة أخرى في هذا الباب:

1 ـ قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (المائدة: 1)

قال ابن عطية: ((وفسرالناس لفظ «العقود» بالعهود. وذكر بعضهم من العقود أشياء على جهة المثال فمن ذلك قول قتادة (أوفوا بالعقود) معناه بعهد الجاهلية. روي لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أوفوا بعقد الجاهلية ولا تحدثوا عقداً في الإسلام)) ... وقال ابن عباس رضي الله عنه: (أوفوا بالعقود) معناه بما أحل وبما حرم وبما فرض وبما حد في جميع الأشياء، قاله مجاهد وغيره.

وقال محمد بن كعب القرظي وابن زيد وغيرهما: العقود في الآية هي كل ما ربطه المرء على نفسه من بيع أن ونكاح أو غيره.

وقال ابن زيد وعبد الله بن عبيدة: العقود خمس: عقدة الإيمان وعقدة النكاح وعقدة العهد وعقدة البيع وعقدة الحلف.

قال القاضي أبو محمد: وقد تنحصر إلى أقل من خمس، وقال ابن جريج قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) قال: هي العقود التي أخذها الله على أهل الكتاب أن يعملوا بما جاءهم.

وقال ابن شهاب: وقرأت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران وفي صدره: هذا بيان من الله ورسوله (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) فكتب الآيات منها إلى قوله: (إن الله سريع الحساب) (المائدة: 4).

قال القاضي أبو محمد: وأصوب ما يقال في تفسير هذه الآية أن تعمم ألفاظها بغاية ما تتناول فيعمم لفظ المؤمنين جملة من مظهر الإيمان إن لم يبطنه وفي المؤمنين حقيقة ويعمم لفظ العقود في كل ربط بقول موافق للحق والشرع).

أقول: بيِّن من لفظ الآية أن لفظ (العقود) قد أُطلق ولم يقيد بنوع من أنواع العقد، فكان كل مفسر يذهب في بيان لفظ (العقود) إلى مثال من أمثلة هذه العقود كما ذكر الغمام ابن عطية، وليس مرادهم أن العقود في هذه الآية ما قاله الواحد منهم دونما سواه من العقود، ولهذا كان ما ذهب إليه الإمام ابن عطية من أن لفظ العقود عامٌّ في كل ربط بقول موافق للحق والشرع هو مراد جميع من ذكر التمثيل.

2 ـ قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (الأنعام: 65)

قال ابن عطية: ((و (من فوقكم ومن تحت أرجلكم) لفظ عام للمنطبقَيْن على الإنسان.

وقال السدي عن أبي مالك: (من فوقكم): الرجم. (ومن تحت أرجلكم): الخسف، وقاله سعيد بن جبير ومجاهد.

وقال ابن عباس رضي الله عنه: (من فوقكم): ولاة الجور. (ومن تحت أرجلكم): سفلة السوء وخدمة السوء.

قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وهذه كلها أمثلة لا أنها هي المقصود، إذ هذه وغيرها من القحوط والغرق وغير ذلك داخل في عموم اللفظ)).

وفي قوله ـ رحمه الله ـ (لا أنها مقصودة) تنبيه مليح؛ يحسن بطالب علم التفسير أن ينتبه له؛ لئلا يقع ـ فيما سبق أن ذكرت ـ في وصمِ تفاسير السلف باختلاف التناقض، وهو لمَّا يكتمل علمه في معرفة طريقتهم في التفسير.

3 ـ قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (الأعراف: 33)

قال ابن عطية: ((وقوله: (ما ظهر منها وما بطن) يجمع النوع كله لأنه تقسيم لا يخرج عنه شيء، وهو لفظ عام في جميع الفواحش.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير