تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مصطلح الإعجاز العلمي عند الطاهر بن عاشور]

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[12 Jan 2008, 09:00 ص]ـ

كان من بركات اللقاء بالشيخ المفيد الدكتور محمد الحمد؛ اللقاء الذي عقدته الجمعية السعودية للقرآن الكريم وعلومه ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10560) مساء الأحد (28/ 12/ 1428 هـ) = كان من بركاته أن فتح الذهن على موضوع (الإعجاز العلمي) عند الطاهر بن عاشور، وقد فتح هذا الباب الدكتور عادل الشدي بسؤاله للشيخ الدكتور محمد الحمد: هل تحدث الطاهر بن عاشور عن الإعجاز العلمي؟

وقد توقف الشيخ محمد آنذاك في الإجابة نفيًا أو إثباتًا، وصار بيني وبينه مباحثة سريعة حول الموضوع بعد اللقاء، وقررنا مراجعة التفسير، ولما ظفر بمواطن من تصريحه بذلك هاتفني بها، ثم تتبعت مواطن ورود هذا المصطلح عنده فرأيت أن أكتب في هذا الموضوع مقالة سريعة، وأملي أن أتبعها ببحث أكثر تقصِّيًا إن شاء الله، ودونكم هذا الموضوع.

لقد ذكر الطاهر بن عاشور (الإعجاز العلمي) في حديثه في المقدمة العاشرة في إعجاز القرآن، وقد نبَّه على نوعين من أنواع العلم، فقال: ((إن العلم نوعان علم اصطلاحي وعلم حقيقي، فأما الاصطلاحي فهو ما تواضع الناس في عصر من الإعصار على أن صاحبه يعد في صف العلماء، وهذا قد يتغير بتغير العصور ويختلف باختلاف الأمم والأقطار، وهذا النوع لا تخلو عنه أمة.

وأما العلم الحقيقي فهو معرفة ما بمعرفته كمال الإنسان، وما به يبلغ إلى ذروة المعارف وإدراك الحقائق النافعة عاجلا وآجلا، وكلا العلمين كمال إنساني ووسيلة لسيادة أصحابه على أهل زمانهم، وبين العلمين عموم وخصوص من وجه. وهذه الجهة خلا عنها كلام فصحاء العرب، لأن أغراض شعرهم كانت لا تعدو وصف المشاهدات والمتخيلات والافتراضات المختلفة ولا تحوم حول تقرير الحقائق وفضائل الأخلاق التي هي أغراض القرآن، ولم يقل إلا صدقا كما أشار إليه فخر الدين الرازي)) التحرير والتنوير (1: 126).

ثم ذكر اشتمال القرآن على النوعين، ومما ذكر في النوع الثاني: ((وأما النوع الثاني من إعجازه العلمي فهو ينقسم إلى قسمين: قسم يكفي لإدراكه فهمه وسمعه، وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم فينبلج للناس شيئا فشيئا انبلاج أضواء الفجر على حسب مبالغ الفهوم وتطورات العلوم، وكلا القسمين دليل على أنه من عند الله لأنه جاء به أمي في موضع لم يعالج أهله دقائق العلوم، والجائي به ثاو بينهم لم يفارقهم. وقد أشار القرآن إلى هذه الجهة من الإعجاز بقوله تعالى في سورة القصص) قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم (ثم إنه ما كان قصاراه مشاركة أهل العلوم في علومهم الحاضرة، حتى ارتقى إلى ما لم يألفوه وتجاوز ما درسوه وألفوه ... )) التحرير والتنوير (1: 127).

ويلاحظ أن مدلول العلم عند الطاهر بن عاشور أوسع من مدلول المعتنين بالإعجاز العلمي الذين جعلوه في (العلوم التجريبية)، وقد ظهر أثر توسع المدلول عنده في التطبيقات التي استخرجتها من كتابه، وهي قريبة من العشرين موضعًا، وسأذكر منها ما يدل على هذا المقال:

أولاً: إطلاقه على ما يُسمى عن بعض المعاصرين بالإعجاز التاريخي:

1 ـ في قوله تعالى: وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)، قال: ((هذا عطف جزء من قصة على جزء منها تكملة لوصف خلاص يوسف عليه السّلام من السجن.

والتعريف في {الملك} للعهد، أي ملك مصر. وسماه القرآن هنا ملكاً ولم يسمه فرعونَ لأن هذا الملك لم يكن من الفراعنة ملوك مصر القبط، وإنما كان ملكاً لمصر أيامَ حَكَمَها (الهِكسوس)، وهم العمالقة، وهم من الكنعانيين، أو من العرب، ويعبر عنهم مؤرخو الإغريق بملوك الرعاة، أي البَدو. وقد ملكوا بمصر من عام 1900 إلى عام 1525 قبل ميلاد المسيح عليه السّلام. وكان عصرهم فيما بين مدة العائلة الثالثة عشرة والعائلة الثامنة عشرة من ملوك القبط، إذ كانت عائلات ملوك القبط قد بقي لها حكم في مصر العليا في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير