تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إعجاز القرآن وترجمته]

ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[26 Jan 2008, 07:43 م]ـ

[إعجاز القرآن وترجمته]

- د. جعفر دك الباب؛

جامعة دمشق:

لا بد من التطرق بإيجاز إلى موضوع إعجاز القرآن الكريم قبل البحث في مسألة ترجمة القرآن إلى اللغات المختلفة.

أولاً- إعجاز القرآن: 1

ذكر القاضي الباقلاني في كتابه "إعجاز القرآن" أن "الذي يوجب الاهتمام التام بمعرفة أعجاز القرآن أن نبوة نبينا عليه السلام بنيت على هذه المعجزة" (1). وأشار إلى ثلاثة أوجه من أعجاز القرآن (2):

آ-الأخبار عن الغيوب، وذلك مما لا يقدر عليه البشر.

ب-الأخبار عما تقدم منذ خلق الله آدم عليه السلام، مع أن النبي الكريم كان أمياً ولم يكن يعرف شيئاً من كتب المتقدمين.

ج-إن القرآن بديع النظم عجيب التأليف متناه في البلاغة إلى الحد الذي يعلم عجز الخلق عنه.

وذكر السكاكي في كتابه "مفتاح العلوم" أن قارعي باب الاستدلال بعد الاتفاق على أنه معجز مختلفون في وجه الإعجاز.

آ-فمنهم من يقول وجه الإعجاز هو أنه عز سلطانه صرف المتحدين لمعارضة القرآن على الإتيان بمثله بمشيئته.

ب-ومنهم من يقول وجه إعجاز القرآن وروده على أسلوب مبتدئ مباين لأساليب كلامهم في خطبهم وأشعارهم، لا سيما في مطالع السور ومقاطع الآي.

ج-ومنهم من يقول وجه اعجازه سلامته عن التناقض.

د-ومنهم من يقول وجه الإعجاز الاشتمال على الغيوب.

هـ-فهذه أقوال أربعة يخمسها ما يجده أصحاب الذوق من أن وجه الإعجاز هو أمر من جنس البلاغة والفصاحة (3).

وقال السيوطي في كتابه "الاتقان في علوم القرآن" ما يلي: "لما ثبت كون القرآن معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم وجب الاهتمام بمعرفة وجه الإعجاز. وقد خاض الناس في ذلك كثيرا فبين محسن ومسيء ... " (4) ولخص السيوطي الآراء المختلفة حول إعجاز القرآن.

كان للمتكلمين الدور الأكبر في تاريخ دراسة إعجاز القرآن الكريم. وبالرغم من ذلك يغفل عدد من الباحثين المعاصرين فضل المتكلمين في هذا المضمار. هذا ويتم أيضاً بشكل عام إغفال دور المتكلمين الإيجابي في علم اللغة العربية (5). وعلى سبيل المثال أشير إلى أن الأستاذ مناع القطان كتب في كتابه "مباحث في علوم القرآن" في فصل (إعجاز القرآن) ما يلي: "لقد كان لنشأة علم الكلام في الإسلام أثر أصدق ما يقال فيه: إنه كلام في كلام، وما فيه من وميض التفكير يجر متتبعه إلى مجاهل من القول بعضها فوق بعض. وقد بدأت مأساة علماء الكلام في القول بخلق القرآن، ثم اختلفت آراؤهم وتضاربت في وجوه إعجازه" (6).

وقد أنصف المتكلمين الدكتور محمد علي سلطاني في كتابه "مع البلاغة العربية في تاريخه" حين كتب: "ومما يلفت النظر أن تنهض فئة المتكلمين بالنصب الأوفى في البحوث الدائبة للكشف عن سر إعجاز القرآن من الناحية الفنية البلاغية على وجه الخصوص، مزودين بثقافة واسعة: عربية وإسلامية ومترجمة، ترفدها قدرة فائقة على الجدل والمناظرة، تمكينا للدين في النفوس ... " (7). وقد ميز د. سلطاني مرحلتين في تاريخ دراسات الإعجاز البياني للقرآن: مرحلة ما قبل عبد القاهر الجرجاني، ومرحلة عبد القاهر الجرجاني.

ففي مرحلة (ما قبل عبد القاهر) أشار د. سلطاني إلى أن الباقلاني كان مضطراً إلى استخدام طرائق المتكلمين للتدليل على إعجاز القرآن: "غير أن الباقلاني لم يدلنا على الوجوه التي تصلح مقياساً لإدراك إعجاز النظم، ويعجز البشر عن اللحاق بها .. فلم يلبث أن هداه تفكيره إلى محاولة جديدة، لبس لها رداء المتكلمين ليصيب هدفه من أقرب السبل وأوضحها، بعد أن تزود لها بمنطلق جديد لا صلة له بالتلمس هدفه من أقرب السبل وأوضحها، بعد أن تزود لها بمنطلق جديد لا صلة له بالتلمس الفني لجوانب الإعجاز، فعمد إلى تصنيف الناس ثلاثة أصناف: أعجمي وعربي كالأعجمي وعربي قد تناهى في الفصاحة والبيان. فإذا عجزت الفئة الثالثة عن محاكاة القرآن ومعارضة بيانه الفذ، وهم العرب الأقدمون بعد أن لمسوا تفوقه وإعجازه، فالفئات الأخرى لبلوغ ذلك أعجز" (8).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير