تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مدينة (طِيبة) كما تقدم عند قوله تعالى: {وقال الذي اشتراه} [سورة يوسف: 21]. وكان ملكهم في تلك المدة ضعيفاً لأن السيادة كانت لملوك مصر السفلى. ويقدّر المؤرخون أن ملك مصر السفلى في زمن يوسف عليه السّلام كان في مدة العائلة السابعة عشرة.

فالتعبير عنه بالملك في القرآن دون التعبير بفرعون مع أنه عبّر عن ملك مصر في زمن موسى عليه السّلام بلقب فرعون هو من دقائق إعجاز القرآن العلمي.

وقد وقع في التوراة إذ عبر فيها عن ملك مصر في زمن يوسف عليه السّلام فرعون وما هو بفرعون لأن أمته ما كانت تتكلم بالقبطية وإنما كانت لغتهم كنعانية قريبَة من الآرامية والعربية، فيكون زمن يوسف عليه السّلام في آخر أزمان حكم ملوك الرعاة على اختلاف شديد في ذلك)).

2 ـ في قوله تعالى ((وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم)) البقرة: 44

، قال: ((ومن لطائف القرآن في اختيار لفظ العهد للاستعارة هنا لتكليف الله تعالى إياهم أن ذلك خطاب لهم باللفظ المعروف عندهم في كتبهم فإن التوراة المنزلة على موسى عليه السلام تلقب عندهم بالعهد لأنها وصايات الله تعالى لهم ولذا عبر عنه في مواضع من القرآن بالميثاق وهذا من طرق الإعجاز العلمي الذي لا يعرفه إلا علماؤهم وهم أشح به منهم في كل شيء بحيث لا يعرف ذلك إلا خاصة أهل الدين فمجيئه على لسان النبيء العربي الأمي دليل على أنه وحي من العلام بالغيوب)).

ثانيًا: الإعجاز العلمي في اصطلاح المعاصرين

1 ـ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (الحج:14)

قال: ((وحرف (ثم) في قوله: {ثم خلقنا النطفة علقة} للترتيب الرتْبي إذ كان خلق النطفة علقة أعجبَ من خلق النطفة إذ قد صُير الماء السائل دَماً جامداً فتغير بالكثافة وتبدل اللون من عواملَ أودعها الله في الرحم.

ومن إعجاز القرآن العلمي تسمية هذا الكائن باسم العلَقة فإنه وضْع بديع لهذا الاسم إذ قد ثبت في علم التشريح أن هذا الجزء الذي استحالت إليه النطفة هو كائن له قوة امتصاص القوة من دم الأم بسبب التصاقه بعروق في الرحم تدفع إليه قوة الدم، والعلقة: قطعة من دم عاقد.

والمضغة: القطعة الصغيرة من اللحم مقدار اللقمة التي تمضغ. وقد تقدم في أول سورة الحج كيفية تخلق الجنين.

وعطف جَعل العَلقةِ مُضغةً بالفاء لأن الانتقال من العلقة إلى المضغة يشبه تعقيب شيء عن شيء إذ اللحم والدم الجامد متقاربان فتطورهما قريب وإن كان مكث كل طورٍ مدة طويلة)) وانظر أيضًا (خلق الإنسان من علق) في سورة العلق.

2 ـ في قوله تعالى: (خلق من ماء دافق. يخرج من بين الصلب والترائب) (الطارق 7)

قال: ((وأُطنب في وصف هذا الماء الدافق لإِدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين ليستيقظ الجاهل الكافر ويزداد المؤمن علماً ويقيناً.

ووُصف أنه يخرج من {بين الصلب والترائب} لأن الناس لا يتفطنون لذلك.

والخروج مستعمل في ابتداء التنقل من مكان إلى مكان ولو بدون بروز فإن بروز هذا الماء لا يكون من بين الصلب والترائب.

و {الصلب}: العمود العظمي الكائن في وسط الظهر، وهو ذو الفقرات.

و {الترائب}: جمع تريبة، ويقال: تَريب. ومحرّر أقوال اللغويين فيها أنها عظام الصدر التي بين الترقُوَتَيْن والثَّديين ووسموه بأنه موضع القلادة من المرأة.

والترائب تضاف إلى الرجل وإلى المرأة، ولكن أكثر وقوعها في كلامهم في أوصاف النساء لعدم احتياجهم إلى وصفها في الرجال.

وقوله: {يخرج من بين الصلب والترائب} الضمير عائد إلى {ماء دافق} وهو المتبادر فتكون جملة {يخرج} حالاً من {ماء دافق} أي يمر ذلك الماء بعد أن يفرز من بين صلب الرجل وترائبه.

وبهذا قال سفيان والحسن، أي أن أصل تكَوُّن ذلك الماء وتنقله من بين الصلب والترائب، وليس المعنى أنه يمر بين الصلب والترائب إذ لا يتصور ممر بين الصلب والترائب لأن الذي بينهما هو ما يحويه باطن الصدر والضلوع من قلب ورِئَتَيْن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير