تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأجاز الحنابلة القراءة في المصحف في قيام رمضان إن لم يكن حافظاً , لما ورد عن عائشة رضي اللّه عنها في مولىً لها اسمه ذكوان كان يؤمها من المصحف , ويكره في الفرض على الإطلاق , لأنّ العادة أنّه لا يحتاج إليه فيه , ويكره للحافظ حتّى في قيام رمضان , لأنّه يشغل عن الخشوع وعن النّظر إلى موضع السجود.

وذهب الشّافعيّة إلى أنّ المصلّي لو قرأ في مصحفٍ ولو قلّب أوراقه أحياناً لم تبطل صلاته , لأنّ ذلك يسير أو غير متوالٍ لا يشعر بالإعراض.

أمّا في غير الصّلاة فإنّ القراءة من المصحف مستحبّة لاشتغال البصر بالعبادة , وقد ذهب بعض الفقهاء إلى تفضيل القراءة من المصحف على القراءة عن ظهر قلبٍ , لأنّه يجمع مع القراءة النّظر في المصحف , وهو عبادة أخرى , لكن قال النّووي: إن زاد خشوعه وحضور قلبه في القراءة عن ظهر قلبٍ فهو أفضل في حقّه.

اتّباع رسم المصحف الإمام:

16 - ذهب جمهور فقهاء الأمّة إلى وجوب الاقتداء في رسم المصاحف برسم مصحف عثمان رضي اللّه عنه , لكونه قد أجمع الصّحابة عليه.

سئل الإمام مالك: أرأيت من استكتب مصحفاً اليوم , أترى أن يكتب على ما أحدث النّاس من الهجاء اليوم؟ فقال: لا أرى ذلك , ولكن يكتب على الكِتْبَة الأولى , وروي أنّه سئل عن الحروف الّتي تكون في القرآن مثل الواو والألف , أترى أن تغيّر من المصحف إذا وجدت فيه كذلك؟ فقال: لا , قال الدّانيّ: يعني الواو والألف الزّائدتين في الرّسم المعدومتين في اللّفظ، قال: ولا مخالف لمالك في ذلك من علماء الأمّة , وقال أحمد: تحرم مخالفة مصحف الإمام في واوٍ أو ياءٍ أو ألفٍ أو غير ذلك.

وقال البيهقيّ في شعب الإيمان: من كتب مصحفاً فينبغي أن يحافظ على الهجاء الّذي كتبوا به هذه المصاحف ولا يخالفهم فيه , ولا يغيّر ممّا كتبوا شيئاً , فإنّهم كانوا أكثر علماً وأصدق لساناً وأعظم أمانةً منّا , فلا ينبغي أن نظنّ بأنفسنا استدراكاً عليهم.

ومن هنا صرّح الحنابلة وغيرهم أنّه لا ينبغي أن يقرأ في الصّلاة بما يخرج عن مصحف عثمان كقراءة ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه وغيرها , لأنّ القرآن ثبت بالتّواتر , وهذه لم يثبت التّواتر بها , فلا يثبت كونها قرآناً , واختلفوا في صحّة صلاته إذا قرأ بشيء منها ممّا صحّت به الرّواية , كبعض ما روي من قراءة ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه.

وصحّح المحقّقون من أئمّة القراءة بأنّ القراءة الصّحيحة لا بدّ أن توافق رسم مصحف عثمان رضي اللّه عنه ولو احتمالاً.

والخلاف في هذه المسألة منقول عن عزّ الدّين بن عبد السّلام فقد نقل عنه الزّركشي قوله: لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمّة لئلا يوقع في تغيير الجهّال.

وتعقّبه الزّركشي بقوله: لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه لئلا يؤدّي إلى دروس العلم , وشيء أحكمته القدماء لا يترك مراعاةً لجهل الجاهلين , ولن تخلو الأرض من قائمٍ للّه بالحجّة.

ونقل عن أبي بكرٍ الباقلانيّ مثل قول ابن عبد السّلام.

آداب كتابة المصحف:

17 - استحبّ العلماء كتابة المصاحف , وتحسين كتابتها وتجويدها , والتّأنق فيها. واستحبوا تبيين الحروف وإيضاحها وتفخيمها , والتّفريج بين السطور , وتحقيق الخطّ وكان ابن سيرين يكره أن تمدّ الباء من بسم اللّه الرّحمن الرّحيم إلى الميم حتّى تكتب السّين , قال: لأنّ في ذلك نقصاً.

ونقلت: كراهة كتابة المصحف بخطّ دقيقٍ , وتصغير حجم المصحف عن عمر بن الخطّاب وعليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنهما.

ويحرم أن يكتب المصحف بمداد نجسٍ أو في ورقٍ أو شيءٍ نجسٍ.

ونقل أبو عبيدٍ بسنده عن ابن عبّاسٍ وأبي ذرٍّ وأبي الدّرداء رضي اللّه عنهم أنّهم كرهوا كتابته بالذّهب , ونقل السيوطيّ عن الغزاليّ أنّه استحسن كتابته بالذّهب , وأجاز البرزليّ والعدويّ والأجهوريّ من المالكيّة ذلك , والمشهور عند المالكيّة كراهة ذلك لأنّه يشغل القارئ عن التّدبر.

إصلاح ما قد يقع في كتابة بعض المصاحف من الخطأ:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير