ويعني أن الكتاب المنزل من عند الله كالتوراة أو الإنجيل أو القرآن كل منه بينة وحجة لمن استمسك به في سلوك أو قول أو تصور، إذ الكتاب المنزل من عند الله هو العهد منه كما في قوله ? وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ? البقرة 80 ويعني أن لم يتخذوا عند الله عهدا أن لن تمسهم النار إلا أياما معدودة بل هو مما قالوه بغير علم إذ لم يتضمنه الكتاب المنزل من عند الله إليهم وهو التوراة، وكما في قوله ? أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمان عهدا كلا ? مريم 77 ـ 79 ويعني أن الذي زعم أن سيؤتى لو بعث في الآخرة مالا وولدا كما في الدنيا إنما يفتري الكذب إذ لم يطلع الغيب كالنبيين والرسل ولم يتخذ عند الله عهدا أي لم يتضمن الكتاب المنزل من عند الله تصديق زعمه.
ويعني حرف فاطر أن من خالف في سلوكه أو قوله أو تصوره ما أمر الله به في الكتاب المنزل من عنده فلا يدع موافقة الحق إذ لم يكن على بينة من ربه بالكتاب المنزل من عنده.
ويعني حرف الزخرف أن المقلدين الذين يحتجون بالقدر ليفلتوا من الحساب والعقاب لا علم لهم بل يتبعون الظن ويكذبون إذ لم ينزل عليهم كتاب من الله يتضمن تصديق احتجاجهم بالقدر يستمسكون به ليكون لهم حجة عند الله يوم القيامة.
ويعني حرف الصافات أن الذين يزعمون أن الله قد اصطفى البنات على البنين مخطئون في حكمهم إذ ليس لديهم كتاب منزل من عند الله فيه سلطان مبين أي حجة واضحة على صدق زعمهم.
ويعني حرف القلم أن الذين يزعمون أن الله لن يدخل المتقين جنات النعيم، بل سيدخلهم النار كالمجرمين قد أخطأوا في حكمهم إذ ليس لديهم كتاب منزل من عند الله قد درسوا فيه أن لهم ما يتخيرون من الأماني.
ويعني حرف البقرة أن اليهود الذين زعموا أن لن يدخل الجنة إلا من كان منهم، وأن النصارى الذين زعموا أن لن يدخل الجنة إلا من كان منهم إنما يتمنون، وهم كاذبون إذ لم تتضمن التوراة المنزلة من عند الله تصديق أمانيهم.
وويعني حرف عمران أن الذين يزعمون من بني إسرائيل أن لم يكن كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة إنما هم مخطئون في زعمهم وكاذبون إذ لم تتضمن التوراة المنزلة من عند الله تصديق زعمهم.
ألا إن هذا هو الإنصاف من رب العالمين ضاق به رجال الدين ذرعا.
وإن قوله:
? ? أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ? الطور 33 ـ 34
? ? أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ? هود 13
? ? أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ? يونس 38
? ? وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ? البقرة 23 ـ 24
ليعني أن الذين يزعمون أن محمدا ? قد تقول القرآن وافتراه من دون الله مأمورون في القرآن أن يأتوا بحديث مثله أو عشر سور مثله أو سورة مثله أو من مثله ثم ليدعوا من استطاعوا من دون الله أي شهداءهم الذين يشهدون أن ما جاءوا به هو مثل القرآن أو مثل عشر سور منه أو سورة منه، وأخبر الله عنهم أنهم لن يستجيبوا ولن يستطيعوا ولن يفعلوا بل سيعجزون عن الإتيان بمثله كما في قوله ? قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ? الإسراء 88.
وحسب التراث الإسلامي أن العجز الذي سيصيب الإنس والجن عن الإتيان بمثل القرآن ولو ظاهر بعضهم بعضا وأعانه هو عجزهم عن الإتيان بمثل أسلوبه ونظمه وفصاحته وبلاغته ... وكذلك لن يستطيع الإنس والجن، غير أن عجزهم عن الإتيان بمثله يعني أن لن يستطيعوا أن يأتوا بكتاب من عند الله يصدق دعواهم أن القرآن الذي جاء به محمد هو مفترى من دون الله.
¥