ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[18 Mar 2008, 06:56 م]ـ
السفر (نشيد الإنشاد)، وهو من الأسفار الغريبة، لما يحتويه من كلمات غير لائقة، وهناك ما هو صريحة في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم غير هذا، وتجد ذلك في مطارحات كثير من المسلمين للنصارى.
والعجيب أنني لم أجد مطارحات بين المسليمن واليهود، ولا بين النصارى واليهود.
النصارى يؤمنون بهذا السفر كما هو ويعتبرونه جزءا من العهدين القديم والجديد الذين يؤمنون بهما. وهذا ما يفسر غياب أي جدال بين اليهود والنصارى حول مضمون العهد القديم كما هو الآن. فالنصارى لا يجادلون في ما إذا كانت التوراة محرفة أم لا، وإنما خلافهم الوحيد حول الاعتراف بالمسيح.
أما غياب المطارحة بين اليهود والنصارى، فله مبررات مختلفة منها:
- أن اليهود لا يؤمنون أصلا بظهور عيسى عليه السلام، فكيف لهم أن يؤمنوا بمن بعده.
- ويؤمنون بأنهم شعب الله المختار، وهي عقيدة لا تسمح حتى بدعوة الآخر إلى اليهودية، لأن اليهودية أصبحت عقيدة تكتسب بعلاقة الدم من جهة الأم فقط.
- ثم جاءت وضعية الصراع في فلسطين، التي اتخذ فيها علماء المسلمين مواقف تحرّم التحاور مع اليهود بحجة اغتصابهم للأرض، ووجوب عدم التطبيع مع اليهود.
- غياب المدافعة العقائدية بين اليهود والمسلمين، مقارنة بما هو موجود بين النصارى والمسلمين، لأن النصرانية والإسلام ديانتان تبشيريتان (إن جاز التعبير) بمعنى أنهما تلزمان أتباعهما بنشر الدعوة في صفوف المخالفين لها، وهو أمر غائب تمام عند اليهود، الذين يعتبرون دينهم ناديا مغلقا (أو يكاد) يتوراث أبا عن جد، أو من خلال علاقات الزواج.
أما في ما يخص محتوى سفر الإنشاد، وكيفية قبول ما جاء فيه من عبارات غير لائقة، فهو متعلق بمفهوم (النبوة) وعصمة الأنبياء التي تختلف لدى اليهود والنصارى، عما هو محدد عند المسلمين.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Mar 2008, 10:38 م]ـ
سدد الله خطاك يا محمد، تعليق مفيد موفق.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[19 Mar 2008, 12:08 ص]ـ
أهلا بالشيخ الفاضل مساعد، ومتى نراك تنير سماء التحلية وتعطرها بعبير المعارف القرآنية؟
أما بخصوص ما ذكرته من غرابة السفر فهو ليس بأغرب مما جاء في سفر التكوين من كلام لا يليق في حق الأنبياء (قصة نوح مثلاً 9:20 - 25)، وغيرها من الأسفار. اللهم إلا أن أردت بالغرابة عدم الشهرة و خمود ذكره عند أهل الكتاب فهذا صحيح وكذلك أسفار أُخر. ومن الطريف أن التوراة بأسرها غريبة عند جمهرة من الباحثين الغربيين [1]، وإشارتك إلى ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم في مطارحات أخر حق، ومن أبرزها وأكثرها استعمالاً ذاك الوارد في سفر التثنية – كما لا يخفى عليكم – 18:18، وبه عقد الكثير من الدعاة المهتمين قائمة مقارنة بين محمد وموسى عليهما الصلاة والسلام حول الصفات الواردة فيه.
يجدر بالذكر أن الاستشهاد الذي أتيتُ به من سفر الإنشاد يثير مجموعة من الآثار، منها:
- في سفر الإنشاد المذكور ورد " ريقُهُ أعذبُ ما يكونُ، وهوَ شَهيًّ كُلُّهُ"، وهذا يذكرني بمجموعة آثار:
منها حديث عروة لما رأى تعظيم الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم وقال: فوالله ما تنخم رسول الله نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده.
عن أم موسى، قالت: سمعت علياً رضي الله عنه يقول:ما رمدت ولا صدعت، منذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي، وتفل في عيني يوم خيبر، حين أعطاني الراية.رواه أحمد وأبو يعلى وقال الهيثمي رجالهما رجال الصحيح.
وعن يزيد بن أبي عبيد قال:
رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه المضربة؟ قال: هذه ضربة أصابتها يوم خيبر، فقال الناس أصيب سلمة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيها ثلاث نفثات، فما اشتكيت حتى الساعة.
رواه البخاري
وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء، فشرب ثم مج في الدلو، ثم صب في البئر، أو شرب من الدلو، ثم مج في البئر، ففاح منها مثل ريح المسك. رواه أحمد والطبراني.
- جاء في السفر أيضاً " هذا رفيقي" وهذا يثير آثاراً منها:
قوله بأبي هو وأمي عند موته " .. ولكن في الرفيق الأعلى"، وهو خليل الله كما يستفاد من الآثار المشهورة.
قبل الختام اضم صوتي إلى صوت الدكتور مساعد و اشكر الشيخ محمد على تعليقه القيم.
=================================================
[1] Arthur E. Watham (1910) The Bible in the New Light. Biblical World Journal, Vol. 36, No. 1, p 49