هذه تذكرة لمن أراد من طلاب العلم أن يضرب بسهم في الدفاع عن القرآن الكريم، وقد انبرى العلماء في زمن انقضى لأمثال هؤلاء الكتاب فتركوا لنا ثروة علمية نفخر بها. وفي عهدنا القريب كتب طه حسين كتابه في الشعر الجاهلي، فرمى القرآن من طرف خفي، فثار عليه العلماء والكتاب الغيورون من أمثال العلامة الجليل محمد الخضر حسين، ومحمد فريد وجدي، ومحمد الغمراوي رحمهم الله، فكتبوا في الرد عليه كتباً، تعد من نفائس الكتب! فرب ضارة نافعة.
واليوم كما تفضلت - أخي الكريم - يصول ويجول هؤلاء المفترون دون رقيب ولا حسيب، بل وتروج كتبهم في الطعن في الوحي، والتهكم بالدين، فتصبح من أكثر الكتب مبيعاً في معارض الكتب، ويستضاف أصحابها في المحطات الفضائية، ويقدمون للناس على أنهم من (المفكرين الإسلاميين). ولكن لا عليك، فهم كما قال الرافعي - رحمه الله - هم عند أنفسهم كالجمرة المتوقدة لا يشبعها حطب الدنيا، ولكن غرفة من الماء تأكل الجمرة، وهم مخذولون بقوة الله، إذ ليس فيهم رجل فصيح بليغ يكون لهم كالتعبير من الطبيعة عن المذهب، حتى يثبت مذهبهم فلا يدفع، ويقوم فلا ينقص، ولن يأتي لهم هذا الرجل.
وإنك لتقرأ للواحد منهم الصفحات الطوال، فلا تعود بطائل، وهذا من الخذلان الذي ابتلاهم الله به، وانظر إلى كبارهم كم يسودون من الصفحات، وكم يحصل لهم من الدعم، ثم إذا الناتج لا يفي بالتعب. وحين تستفهم من أحدهم عن معنى قوله في أحد كتبه، أخذ بك في أودية من الكلام الذي ظاهره العربية، وباطنه فيه ما لست أدري ولا أفهم، فإن قلت له: لم أفهم!
أنحى باللائمة عليك وعلى فهمك، وعلى المناهج التي صنعتك هكذا، وشكلت تفكيرك هذا التشكيل، ولو كنت أتقنت منهج ديكارت في الشك، ومنهج سبينوزا في ما أدري ماذا، لكان لك شأن في فهم الكلام كما ينبغي الخ ما تقرأه وتسمعه، فلا تملك إلا أن تحوقل، وتلوذ بالصمت، فراراً من المعرة، وصيانة للعرض من منازعة هؤلاء في مجامع الناس، ومنتدياتهم.
وإنك لتعود إلى سورة الناس فتقرأها، فتذهب عنك ما علق بك من أوضار كلام هؤلاء ومجالستهم، كما يذهب الماء الطهور ما يعلق بالبدن الطاهر!
شكر الله لك أخي الكريم هذه النفحة الرافعية! (نسبةً للرافعي طبعاً).
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[07 Mar 2004, 06:35 ص]ـ
أتفق مع أخي ابن الشجري فيما طرحه أعلاه، وأشكره على حسن بيانه، وصدق غيرته. وأشكر الأخ عبدالرحمن الذي تعجبني تعقيباته الأدبية كثيراً، فيا حبذا لو أكثرتم من هذا اللون فهو ينشط المنتدى كثيراً، ويذهب عني وأمثالي السأم والملل.
ولدي اقتراح أن يتم في الملتقى المفتوح طرح بعض القضايا الأدبية، التي أراكما تتقنان التعامل معها بمهارة، بخلاف كثير من المنتديات الأدبية على الانترنت فإنها لا تشفي الغليل كما تشفيه الكتابات في هذا المنتدى على قلتها!! وأرجو أن لا تقولوا هذا موقع متخصص يا شيخ عبدالرحمن حفظك الله، فالذي يبدو لي من كتاباتك سعة صدرك، وبعد أفقك.
أخوك
فهد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Mar 2004, 12:29 م]ـ
أشكرك أخي الكريم فهد على حسن ظنك، وعلى حسن تعقيبك. ولا مانع لدينا مما أشرتم إليه، ونحن نستمتع بذلك أكثر مما تتصور، ومن وجد في نفسه القدرة على السير على هذه الطريقة في البيان، فهذا مما يقوي ملكة البيان عند الكاتب ولا شك، وهذا هدف من أهداف هذا الملتقى الحواري، ولو في الملتقى المفتوح.
وأضم صوتي لصوتك في مطالبة الإخوة الكرام الذين يجيدون التعامل مع الكلمة كما يصنع ابن الشجري بارك الله فيه، أن يشاركونا في طرد الملل كلما أطل برأسه على هذا الملتقى، ولا أكتمك أن النفس تمل، ولا تنشط في كل حين للكتابة العلمية المحررة، فهي تحتاج إلى صفاء ذهن، وخلو بال، وهما أمران قلما يزوراننا في هذا الزمان الحزين.
وقد هيأ الله هذا الملتقى الذي ليس بينه وبين الكاتب حجاب كما في الصحف والمجلات ونحوها من وسائل الإعلام، فهنا لا يلوم الكاتب إلا موقع يده على لوحة المفاتيح! فليس عندنا منع إلا لشيء تعدى حدود الشرع، أو جاوز حمى الأدب، وما سوى ذلك فعلم وأدب ننتفع به، ونهش لقراءته كما يهش الغريب لأوبة وتلاقِ!
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[15 Mar 2004, 12:38 ص]ـ
¥