ونقله ابن كثيرفي تفسيره (1: 15) وقال: "قال الترمذي: مرسل يعني أن عبد الرحمن بن ليلى لم يلق معاذ بن جبل، فإنه مات قبل سنة عشرين.
(قال): وقد يكون عبد الرحمن بن ليلى سمعه من أبي بن كعب ـ كما تقدم ـ وبلغه عن معاذ بن جبل، فإن هذه القصَّة شهدها غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم". اهـ.
قلت: بهذا وقفنا (ولم نبعد) على دليل ما سطرناه في التمهيد، من تنكب بعض متأخري الأئمة والمعاصرين طريقة أهل الحديث في التعليل والترجيح!! فهذا ابن كثير يحاول الجمع بين روايتي ابن أبي ليلى: عن أُبي ومعاذ (رضي الله عنهما) .. وهذا ابن حجر حسنها كذلك، مع أنه أقر كلام الدارقطني وحمل الاضطراب على عبدالملك بن عمير. وفي هذا ما فيه!!.
وأخرجه عبد بن حميد في مسنده ـ المنتخب ـ برقم (179)، وعبدالله بن أحمد في زوائده على المسند برقم (21216)، والبيهقي في الشعب برقم (5133): من حديث عبد الله بن نمير، ثنا يزيد بن أبي زياد بن أبي الجعد، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب، قال: انتسب، أو قال: استب رجلان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان، أنا فلان بن فلان، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): انتسب، أو قال: استب رجلان على عهد موسى، فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان إلى تسعة، ما أنت لا أم لك؟! قال: أنا فلان بن فلان، ابن الإسلام فأوحى الله إليه: يا موسى هذان المنتسبان ـ أو قال المتسابان ـ أما أنت أيها المعتزي أو المنتسب إلى تسعة أباء في النار، فأنت عاشرهم في النار، وأما أنت أيها المنتسب إلى اثنين فأنت ثالثهما في الجنة.
وقد اختلف على عبدالملك فيه (كذلك).
فأخرجه الطبراني في الكبير (20: 140): من حديث عثمان بن أبي شيبة.
وأخرجه البيهقي في الشعب برقم (5134): من حديث إسحاق بن إبراهيم الحنظلي.
كلاهما عن جرير، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: انتسب رجلان في بني اسرائيل ـ على عهد موسى عليه السلام ـ أحدهما كافر والآخر مسلم، فانتسب الكافر إلى تسعة أباء، فقال المسلم: أنا فلان بن فلان وبرئت ممن سواهم، فخرج منادي موسى ينادي: أيها المنتسبان قد قُضى بينكما، ثم قال: أيها الكافر أما أنت فانتسبت إلى تسعة أباء كفار، وأنت عاشرهم في النار، وأما أنت أيها المسلم فقصرت على أبوين مسلمين وبرئت ممن سواهم، فأنت من أهل الإسلام، وبرئت ممن سواهم. واللفظ للبيهقي.
والحديث أورده الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (1270)، وقال: " أخرجه أحمد، وعنه الضياء في المختارة، والبيهقي في شعب الإيمان: من طريق يزيد بن أبي زياد (الآنفة) .. وقال: " هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن أبي الجعد، وهو ثقة.
وخالفه جرير، فقال: عن عبدالملك بن عمير، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكره.
ورجاله ثقات أيضًا، لكن أشار البيهقي إلى ترجيح الأول. والله أعلم".اهـ.
قلت: هذا اللفظ مختلف كأنه حديث آخر! وليس فيه الشاهد، وإشارة البيهقي تتمثل في إيراده لرواية ابن نمير عن يزيد ... ثم قوله عقبها: وقيل: عن عبدالرحمن عن معاذ .. ثم ساق بسنده رواية إسحاق بن راهوية عن جرير.
وكأن الخلل دخل على عبدالملك بن عمير من هذا الوجه .. خلط بين المتنين!. والله أعلم.
فما حال عبدالملك هذا؟.
قال أحمد: مضطرب الحديث جدًا مع قلة حديثه، ما أرى له خمسمئة حديث، وقد غلط في كثيرٍ منها.
وقال عبد الله بن أحمد: سئل أبي عن عبد الملك بن عمير وعاصم بن أبي النجود، فقال: عاصم أقل اختلافًا عندي وقدم عاصمًا.
وقال ابن معين: مخلط.
قال أبو حاتم: ليس بحافظ وهو صالح تغير حفظه قبل موته.
وقال ابن خراش: كان شعبة لا يرضاه.
ووثقه العجلي.
وقال النسائي وغيره: ليس به بأس.
¥