أما المعنى الخاص: فهو يقتصر على ما ورد عنه (صلى الله عليه وسلم) من تفسير لآيات بأعيانها، أوأحاديث فيها تأكيد ما ورد في القرآن الكريم من قصص الأنبياء، وأخبار الأمم الماضية، وأحوال الآخرة، والبعث والنشور، والجنة والنار.
ويلتحق بذلك عندهم ما ورد في فضل بعض الآيات والسور، وأسباب النزول، وبيان الناسخ والمنسوخ، واختلاف القراءات .. وهذا المعنى أخذناه من تصرفات المحدثين في تبويبهم.
وقد اشتهر عن جماعة من الصحابة معرفتهم بالتفسير، وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، ابن عباس، وغيرهم.
وقد تصدر منهم ابن مسعود وابن عباس للإقراء والتفسير، خاصة ابن عباس، وبان فيه أثر دعوته (صلى الله عليه وسلم): "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل". أخرجه ابن حبان.
واشتهر من تلاميذه مجاهد (101هـ)، وعكرمة (107هـ)، وعطاء (114هـ)، وطاوس (106هـ)، وجابر بن زيد (93هـ)، وسعيد بن جبير (95هـ).
واشتهر كذلك من التابعين أبو العالية الرياحي (90هـ)، وقتادة بن دعامة السدوسي (110هـ)، والحسن البصري (110هـ)، ومقاتل بن سليمان (105هـ)، والضحاك بن مزاحم (105هـ).
ويليهم طبقة السدي الكبير (127هـ)، والربيع بن أنس (140هـ).
وهؤلاء لهم نسخ منثورة عن غير واحدٍ من الصحابة، وقد اشتهر في هذه الفترة تصنيف بعضهم لذلك، كما ورد من تصنيف سعيد بن جبير استجابة لطلب عبدالملك بن مروان، ثم ظهر التصنيف في طبقة تلي هؤلاء بصورة أشمل، من هذه المصنفات:
1 ـ تفسير معمر بن راشد (154هـ).
2ـ تفسير سعيد بن أبي عروبة (156هـ).
3 ـ تفسير الحسين بن واقد المروزي (159هـ).
4 ـ تفسيرزائدة بن قدامة (160هـ).
5 ـ تفسير سفيان الثوري (161هـ).
6 ـ تفسير إبراهيم بن طهمان (168هـ).
7 ـ تفسير عبدالله بن المبارك (181هـ).
8 ـ تفسير هشيم بن بشير (183هـ).
9 ـ تفسير سفيان بن عيينة (198هـ).
10 ـ تفسير عبدالرزاق الصنعاني (211هـ).
11 ـ تفسير ابن أبي شيبة (235هـ).
وقد حوت هذه المصنفات التفسير النبوي، وتفسيرالصحابة والتابعين، وكانت عمدة من أتى بعدهم من مصنفي السنن والتفاسير، يبين هذا سياقهم لأسانيد مروياتهم، وهو ما يعرف في عصرنا هذا بالموارد.
وقد اعتنى المحدثون بأحاديث التفسير فضمنوها مصنفاتهم، لا فرق بين أصنافها ومسانيدها، وكانت من أهم مقاصد مصنفي الأبواب .. فهذا البخاري في (الجامع الصحيح) عقد كتابًا للتفسير أورد فيه (472) بابًا من أبواب التفسير مرتبةً على حسب سور القرآن الكريم وآيه.
قال الحافظ في الفتح (2/ 743): " اشتمل كتاب التفسيرعلى خمسمئة حديث وثمانية وأربعين حديثا من الأحاديث المرفوعة وما في حكمها، الموصول من ذلك أربعمئة حديث وخمسة وستون حديثا، والبقية معلقة وما في معناه، المكرر من ذلك فيه وفيما مضى أربعمئة وثمانية وأربعون حديثا، والخالص منها مئة حديث وحديث، وافقه مسلم على تخريج بعضها، ولم يخرج أكثرها لكونها ليست ظاهرة في الرفع، والكثير منها من تفاسير بن عباس رضي الله تعالى عنهما وهي ستة وستون".
ثم أردفه بكتاب (فضائل القرآن) وقد ضمنه (37) بابًا.
قال الحافظ في الفتح (9: 103): " اشتمل كتاب فضائل القرآن من الأحاديث المرفوعة على تسعة وتسعين حديثا، المعلق منها وما التحق به من المتابعات تسعة عشر حديثا، والباقي موصولة، المكرر منها فيه وفيما مضى ثلاثة وسبعون حديثا ... وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم سبعة آثار والله أعلم ".
ونجد الترمذي في (جامعه) عقد كتابًا في (فضائل القرآن) وأورد فيه (25) بابًا، وفيها قرابة (61) روايةً.
.. ثم تلاه بكتاب القراءات وأورد فيه (13) بابًا، وفيها (27) روايةً .. ثم أعقبهما بكتاب التفسير وأورد فيه (95) بابًا، وفيها قرابة (484) روايةً.
ومن أوسع ما ذكر ضمن كتب السنة الأصول كتاب تفسير النسائي، وهو أحد الكتب الجامعة ضمن سننه الكبرى، ذكر فيه ما يزيد على (420) بابًا، وفيها ما يقارب (735) رواية.
وذكر قبله بعدة أبواب كتاب فضائل القرآن ضمنه (61) بابًا، وفيها (93) رواية، وأبواب قراءة القرآن وفيه (55) رواية.
ضمن هذه الأبواب مجتمعة مئات الآثار، وقليل من الأحاديث المرفوعة الصحيحة وبعض الأحاديث الضعيفة والمعلولة، وستكون تعليلاته (رحمه الله) من مواردنا في هذه المقالات.
¥