تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هـ - الوحي التسخيري لبعض الجمادات كقوله تبارك وتعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ*فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) (فصلت: 12.11) فهنا كلمها مباشرة ـ كما هو ظاهر هذه الآية ـ (فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) (فصلت: من الآية11) وهذا من أنواع الوحي، ثم أيضاً قال الله عز وجل في تمام هذه الآية: (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) (فصلت: من الآية12) وهذا يحتمل معنيين: فيحتمل أن يكون أوحى إليها ما يقوم به أمرها ونظامها، ويحتمل أنه أوحى إلى ملائكة كل سماء بأوامره إليهم، فيكون على تقدير والأصل عدمه، ويمكن أن يجمع بين المعنيين فيقال: إن الله عز وجل أوحى إلى كل سماء ما يقوم به نظامها وما يقوم به أمرها، وأوحى أيضاً إلى ملائكة كل سماء بما شاء سبحانه وتعالى، مما كلفهم به من التكاليف. وقال الله عز وجل عن الأرض: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا*بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) (الزلزلة:5.4) تحدث أخبارها بسبب أن ربك أوحى لها فتكون الباء هنا سببيه، أوأنها تنطق بما أوحى الله إليها، أي: بما أوحى الله إليها، فعلى الثاني: تكون محدِّثة بالموحى إليها، وعلى الأول: تتحدث بسبب أن الله أوحى إليها أن تتحدث فتخبر بما عمل عليها. وهذا هو الأقرب والله تعالى أعلم.

و - وحي الشياطين إلى أوليائهم: وجاء ذلك في قوله تبارك وتعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (الأنعام:112) فهؤلاء يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، فشياطين الجن توسوس لشياطين الإنس، وتوحي لهم وتقذف في قلوبهم الشبهات التي يبرزونها ويظهرونها؛ فيشككون بما جاء به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويوحون إليهم بالأمور التي يحصل بها الإفساد للخلق.وقد جاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه وكان زوجاً لأخت المختار الثقفي الذي ادعى النبوة في آخر أمره ثم قتله مصعب بن الزبير ـ رضي الله تعالى عنه ـ فقيل لابن عمر: إن المختار يزعم أنه يوحي إليه. فقال: صدق، ثم قرأ هذه الآية (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ) (الأنعام: من الآية121)،فهو يوحى إليه؛ لكن الذي يوحي إليه الشيطان، فالشياطين توحي إلى الآدميين. وآية الأنعام الأخرى تدل على ذلك (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورا) (الأنعام: من الآية112) فمما كانوا يوحونه إليهم أنهم كانوا يقولون لهم: ما ذبحتموه بأيديكم تقولون حلال، وما ذبحه الله بيده الكريمة تقولون حرام ـ يعنون الميتة ـ إذاً أنتم أحسن من الله! ألقوا إليهم هذه الشبهة فقال الله عز وجل: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) (الأنعام: من الآية121)

وهذا النوع من الأنواع التي وردت في كتاب الله عز وجل وهي من الوحي بالمعنى العام.

و الوحي بالمعنى الخاص هو الذي يعيننا هنا وهو المهم؛ لأن إثبات الرسالات يتوقف عليه، ولما قال بعض اليهود على سبيل المكابرة رداً لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) (الأنعام: من الآية91) فعمُّوا؛ لأن لفظة (شيء) نكرة جاءت في سياق النفي فتعم. فاحتج الله عز وجل عليهم بحجة ألقمتهم حجراً فقال: (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى) (الأنعام: من الآية91) فمعنى ذلك أنكم تنكرون نبوة موسى عليه السلام لكونه داخلاً في هذا العموم.

تعريف الوحي بالمعنى الخاص:

فالوحي بالمعنى الخاص: هو إعلام الله لأنبيائه ورسله بما يريد إبلاغه لهم من شرع أو كتاب بالكيفية التي يريدها.

وعرفه بعضهم كالحافظ ابن حجر رحمه الله: بأنه الإعلام بالشرع.

شرح التعريف:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير