تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المرض الفلاني، فهذا لا يُبنى عليه حكم، ولا يصح أن يعتمد عليه، وهكذا أيضا بما يتعلق بالقضايا العلمية من الحب والبغض و اعتقاد ولاية إنسان أو فساده أو نحو ذلك.

تنبيه: إذا علم أن رؤيا الأنبياء حق و أن الرؤى الصالحة من أنواع الوحي إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلا يعني ذلك أن شيئاً من القرآن قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حال النوم. نعم أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأشياء وهو في حال النوم ليس منها القرآن. وقد يشكل على البعض ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (607) من حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ:" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال أنزل علي آنفا سورة، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) (الكوثر:1) ... إلى آخرها"

فالجواب: أن هذه (إغفاءة) كما عبر أنس بن مالك ـ رضي الله تعالى عنه ـ ولم تكن نومة، ومعلوم أن الإغفاءة نومة يسيرة فالنبي صلى الله عليه وسلم جالس بين أصحابه يحدثهم، ولا يتصور أنه عليه الصلاة والسلام ينام بينهم في مجلسه، و إنما هذه هي الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي، والتي يقال لها برحاء الوحي، فقد كانت تعتري النبي صلى الله عليه وسلم حالة يتربد لها وجهه، و يسيل منه العرق، ويلاحظ ذلك أصحابه، فهذه الحالة التي اعترته فعبر عنها أنس بن مالك بذلك.

فإذاً ينبغي أن نفرق بين ثلاثة أشياء:

بين دعوى ما نزل من القرآن مناماً، وبين أن الرؤيا نوع من أنواع الوحي، وبين أن بعض القرآن نزل عليه وهو في فراشه، فيمكن أن نقول: إن بعض القرآن نزل والنبي صلى الله عليه وسلم في فراشه، ولكن وجود الإنسان في فراشه لا يعني أنه نائم، وهذا ما يسميه السيوطي فيما سبق من العناوين التي سردتها قبل بالفراشي والنومي، فنقول: نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعض الآيات وهو في فراشه، كما في قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة: من الآية67) لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات ليله قلقاً وتمنى أن يُحرس، فسمع قعقعة السلاح فقال من هذا؟ فقال: سعد بن مالك ـ سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه ـ فهيأ الله له ما تمناه، فأنزل الله عز وجل عليه (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة: من الآية67) فقال: انصرفوا" (خ/ 2672، م/ 4427)

هذا ما يتعلق بالرؤيا الصالحة، وهي النوع الأول الذي يدخل تحت قوله: (إِلَّا وَحْياً) (الشورى: من الآية51)

النوع الثاني: الذي يدخل تحت قوله:: (إِلَّا وَحْياً) وهو: النفث في الرُّوع كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن روح القدس – يعني جبريل صلى الله عليه وسلم – نفث في رُوعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها و أجلها فاتقوا الله و أجملوا في الطلب) فالنفث في الرُّوع داخل تحت قوله: (إِلَّا وَحْياً)

ويشبهه النوع الثالث: الداخل تحت قوله: (إِلَّا وَحْياً) وهو: الإلهام. وحقيقته: إلقاء المعاني في القلب، ولو من غير نزول الملك.

إذاً هذه ثلاثة أنواع تدخل تحت قوله تبارك وتعالى:: (إِلَّا وَحْياً).

ثم قال الله عز وجل (أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب) (الشورى: من الآية51) كما كلم الله عز وجل موسى صلى الله عليه وسلم، وكما كلم محمداً عليه الصلاة والسلام قال تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً) (النساء: من الآية164) وقال: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) (لأعراف: من الآية143) وقال: (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي) (لأعراف: من الآية144) و أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد وقع له الكلام الإلهي المباشر في ليلة المعراج، ويفهم ذلك من آية النجم، ومن حديث المعراج، ففي آية النجم؛ قال الله عز وجل: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى*فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى*فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (لنجم:10.9.8) فالتفسير المشهور لهذه الآية: أن جبريل ـ عليه السلام ـ دنا فتدلى، فكان قربه من النبي صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أو أدنى، فأوحى جبريل إلى عبد الله وهو محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى، يعني ما أمره الله تعالى أن يوحيه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير