قلت: يا رسول الله، فأي ما أنزل الله عليك أعظم؟
قال: "آية الكرسي"، ثم قال: "يا أبا ذر، ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاةٍ بأرضٍ فلاةٍ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة".
قال: قلت: يا رسول الله، كم الأنبياء؟
قال: "مئة ألف وعشرون ألفًا".
قلت: يا رسول الله، كم الرسل من ذلك؟
قال: "ثلاث مئة وثلاثة عشر جمًّا غفيرًا".
قال: قلت: يا رسول الله، من كان أولهم؟
قال: "آدم". قلت: يا رسول الله، أنبي مرسل؟
قال: "نعم خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلاً".
ثم قال: "يا أبا ذر أربعةٌ سريانيون: آدم، وشيث، وأخنوخ، وهو إدريس، وهو أول من خط بالقلم، ونوح. وأربعة من العرب: هود، وشعيب، وصالح، ونبيك محمد (صلى الله عليه وسلم) ".
قلت: يا رسول الله، كم كتابا أنزله الله؟ قال: "مئة كتاب، وأربعة كتب، أنزل على شيث خمسون صحيفة، وأنزل على أخنوخ ثلاثون صحيفة، وأنزل على إبراهيم عشر صحائف، وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف، وأنزل التوراة والإنجيل والزَّبور والقرآن".
قال: قلت: يا رسول الله، ما كانت صحيفة إبراهيم؟
قال: "كانت أمثالا كلها: أيها الملك المُسلط المبتلى المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها ولو كانت من كافر.
وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يُحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صنع الله، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب.
وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث: تزوُّد لمعاد، أو مرمًّة لمعاش، أو لذة في غير مُحرَّم.
وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظًا للسانه.
ومن حسب كلامه من عمله، قل كلامه إلا فيما يعنيه".
قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف موسى؟
قال: "كانت عبرًا كلها: عجبت لمن أيقن بالموت، ثم هو يفرح.
وعجبت لمن أيقن بالنار، ثم هو يضحك.
وعجبت لمن أيقن بالقدر، ثم هو ينصب.
عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها، ثم اطمأن إليها.
وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا، ثم لا يعمل".
قلت: يا رسول الله أوصني.
قال: "أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس الأمر كله".
قلت: يا رسول الله زدني، قال: "عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله، فإنه نور لك في الأرض، وذخرٌ لك في السماء".
قلت: يا رسول الله زدني. قال: "إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه".
قلت: يا رسول الله زدني. قال: "عليك بالصمت إلا من خير، فإنه مطردة للشيطان عنك، وعون لك على أمر دينك".
قلت: يا رسول الله زدني، قال: "عليك بالجهاد، فإنه رهبانية أمتي".
قلت: يا رسول الله زدني. قال: "أحب المساكين وجالسهم".
قلت: يا رسول الله زدني، قال: "انظر إلى من تحتك، ولا تنظر إلى من فوقك، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عندك".
قلت: يا رسول الله زدني، قال: "قل الحق وإن كان مرًا".
قلت: يا رسول الله زدني، قال: "ليردك عن الناس ما تعرف من نفسك، ولا تجد عليهم فيما تأتي، وكفى بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك، أو تجد عليهم فيما تأتي".
ثم ضرب بيده على صدري، فقال: "يا أبا ذر لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق". واللفظ لابن حبان.
وهذا الحديث تفرد به إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، عن أبيه، عن جده .. ولا يحتمل منه التفرد فهو متهم، كذبه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان. وزاد أبو حاتم: ينبغي ألا يحدث عنه. وأقره على هذا علي بن الجنيد. كما في الجرح (2: 142).
ومشاه ابن حبان وغيره. انظر تفصيل حاله في كتابي زوائد رجال صحيح ابن حبان (1: 278 ـ 287/ برقم 25/ 4).
والحديث أورده المنذري في الترغيب (3: 131 ـ 132)، وقال: انفرد به إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، عن أبيه، وهو حديث طويل في أوله ذكر الأنبياء عليهم السلام، ذكرت منه هذه القطعة لما فيها من الحكم العظيمة والمواعظ الجسيمة.
ورواه الحاكم أيضًا، ومن طريقه البيهقي: كلاهما عن يحيى بن سعيد السعدي البصري، حدثنا عبد الملك بن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمر، عن أبي ذر بنحوه.
ويحيى بن سعيد فيه كلام. والحديث منكر من هذه الطريق وحديث إبراهيم بن هشام هو المشهور والله أعلم. اهـ.
¥