تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ما يختص ببعض كلماتك فإني سأتجاوز الرد عليها حفاظا على اخوتنا والاستفادة منك مستقبلا ونصيحتي لك يا أخي أن لا تكون حاد النقاش هكذا حتى يمكن أن يتبادل الجميع معك الفائدة

أما هذا الموضوع فبما أنك ذكرتَ أن نقاشنا قاد للجدل فأنا أستغفر الله وأعتذر إليك عن إكمال الحوار

ولعل الله أن يرزقك خيرا مني خلقا وعلما يستطيع إكمال الحوار معك

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[04 Apr 2004, 12:44 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام على من اتبع الهدى

أما بعد00 فهذا تعقيب أود أن أضيفه على مقالي المذكور أعلاه0

أولاً- قوله تعالى: {ألم تر، ألم ير} استفهام يراد به التقرير، والتنبيه، أو التذكير0 والمراد بالتقرير حمل المخاطب، أو السامع على الإقرار بأمر رآه، أو علم به، والتسليم به0 وأكثر ما يراد به المعنى الثاني00 فمن الأول قوله تعالى: {ألم تر إلى ربك كيف مدَّ الظل} [الفرقان:45] 0 ومن الثاني قوله تعالى: {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه} [البقرة:273] 0

وتدخل الواو، والفاء بين (الهمزة، ولم)؛ لتدل الأولى إضافة إلى ما ذكرناه معنى الإنكار، وتضيف الثانية إليه معنى التوبيخ00 فمن الأول قوله تعالى في الآية السابقة: {أولم ير الذين كفروا} [الأنبياء:30] 0 ومن الثاني قوله تعالى: {أفلم يروا إلى ما بين أبديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب} [سبأ:9] 0

ومثل (أفلم) في ذلك (أفلا) 0 ولهذا قلنا في المقال السابق: أنكر الله تعالى على الذين كفروا كفرهم بآياته، في أول الآية بقوله: {أولم ير الذين كفروا}، ثم وبخهم عليه، في آخرها بقوله: {أفلا يؤمنون} 0

ثانيًا- قوله تعالى: {أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناها} موجه لكل كافر مشرك بالله، ما دام على كفره وشركه، إلى يوم القيامة، ويدخل في عمومه اليهود؛ لأنهم هم الذين كاتوا يعلمون هذه الحقيقة الكونية، وينكرونها، ومعهم النصارى00 وهذا ليس كلامًا إنشائيًا نقوله0 وإلى نحوه ذهب الفخر الرازي في قوله: (اليهود، والنصارى كانوا عالمين بذلك؛ فإنه جاء في التوراة: إن الله تعالى خلق جوهرة، ثم نظر إليها بعين الهيبة، فصارت ماء، ثم خلق السموات، والأرض منها، وفتق بينها00 وكان بين عبدة الأوثان، وبين اليهود نوع صداقة بسبب الاشتراك في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم، فاحتج الله تعالى عليهم بهذه الحجة بناء على أنهم يقبلون قول اليهود في ذلك) 0

هذا المعنى الذي ذكرناه في تفسير الآية الكريمة هو أحد خمسة أقوال ذكرها علماء التفسير في تأويلها، وهو المعنى الذي قدمه الفخر الرازي على كل تلك الأقوال كلها، وهو المعنى الذي أثبته العلم الحديث0 فكل علماء الإعجاز العلمي، مسلمين، وغير مسلمين اتفقوا على إثبات هذه الحقيقة العلمية، التي أخبر الله تعالى عنها في هذه الآية الكريمة منذ آلاف السنين0 ثم بعد هذا كله نضيع أوقاتنا في جدل عقيم، لا يجدي، ولا ينفع؛ لنثبت للآية معنى آخر غير هذا المعنى، الذي أيده العلم الحديث، وأقرَّه علماء الإعجاز العلمي0 وأقصد المعنى الذي قال به أكثر علماء التفسير قديمًا؛ وهو قولهم: كانت السماء رتقًا، ففتقها الله تعالى بالمطر، وكانت الأرض رتقًا، ففتقها الله تعالى بالنبات0 وحجتهم: أن لهذه الآية نظائر في القرآن الكريم؛ منها قوله تعالى: {والسماء ذات الرجع* والأرض ذات الصدع} [الطارق:11 - 12] 0 ولهذا قال الله تعالى بعد ذلك: {وجعلنا من الماء كل شيء} 0 أي: من الماء المنزل من السماء بعد فتقها00 ولما اعترضهم مجيء لفظ (السموات) بالجمع، تأولوه بالمفرد؛ لأنهم يعلمون أن المطر لا ينزل من السموات كلها؛ وإنما ينزل من سماء واحدة0 ولهذا قالوا: إن الله تعالى قال: (السموات)؛ وهو يريد: السماء0

فإذا كان مراد الله تعالى من الآية هذا الذي زعموه، فلم قال: السموات، ولم يقل: السماء، فينتظم بذلك الكلام: السماء والأرض كانت رتقًا؟ ثم ما الفائدة من مجيء لفظ السموات بالجمع، إذا كان المراد به المفرد؟ لا جواب عندهم غير قولهم: قلنا: إنما أطلق عليه لفظ الجمع؛ لأن كل قطعة منها سماء؛ كما يقال: ثوب أخلاق، وبرمة أعشار00 فتأمل!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير