تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لكن .. لا يصح هذا التخريج عبرياً .. لأن معنى المجد والشرف فى مادة " كبد " العبرانية يجىء على " كِبُود " بالواو، ولا يجىء قط فى بنيته الاسمية على " كِبِد "، كما ينطق اسم أم موسى فى التوراة.

أما الذى يصح عبرياً، فهو أن يفهم الشق الثانى من هذا الاسم " كِبِد " على أنه فعل ماض مسند إلى المفرد الغائب (الذى هو " يو " اسم الله فى العبرية)، جاء على زنة " فِعِّل " العبرية، فيكون أصل الاسم " يوكبِّد " بتشديد الباء المكسورة، ثم خفف هذا التشديد للمزجية، فآلت إلى نطقها الذى فى التوراة، أعنى " يُوكِبِد ".

لكن " كبد " العبرية ـ كما مر بك ـ تفيد معنيين، هما: (1) الوقر والثقل .. و (2) المجد والشرف .. لك أن تختار فى تفسير هذا الاسم:

إما " الله مجَّدَ " بتشديد الجيم المفتوحة، يعنى " التى مجَّدَها اللهُ " ..

وإما " الله وقَّرَ " بتشديد القاف المفتوحة، أى " التى وقَّرَها اللهُ "، يعنى رزنها وثبتها وسكنها، أو كما قال القرآن " لولا أن ربطنا على قلبها "، فهى " التى ربط الله على قلبها "!

والذى يصح بلا مشاحة هو تفسير القرآن، لا تفسير علماء التوراة!

لأن " يهوا "، التى اختصرت إلى " يو " فى الاسم " يوكبد "، لم تصر عند بنى إسرائيل علماً على الله عز وجل إلا فى ديانة موسى عليه السلام، كما تستظهر من التوراة: " ثم كلم الله موسى وقال له: أنا الرب، وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب بأنى الإله القادر على كل شىء، وأما باسمى يهوا فلم أعرف عندهم " ..

فلا يصح دخوله فى اسم أم موسى يوم وُلِدَت .. وإنما الصحيح أن يقال: إنها كنية كناها بها بنو إسرائيل من بعد مبعث موسى عليه السلام، بعد تحقق الصفة والحال .. فهى كنية تشير إلى منقبة فى أم موسى.

وقد أراد علماء التوراة الذين فسروا هذا الاسم على معنى " الله مجدها "، أى التى مجدها الله، تعظيم موسى بالتفخيم فى معنى اسم والدته ..

لكن الكنية على هذا المعنى الذى أراده علماء التوراة هؤلاء لا تصدق فى وصف منقبة أم موسى التى انفردت بها من دون نساء العالمين .. تنبذ ابنها فى اليم رضيعاً، قد ربط الله على قلبها، ويردونه إليها لا لتكون له أماً، بل لتكون له مرضعاً، جاءوها به وقد أسموه بلغتهم " الولد " (موسى المصرية الهيروغليفية) لا أم له، وهى أمه، لا تملك أن تستعلن بها، فيكنيها القرآن بأحب اسم تمنت أن تسمعه: " أم موسى " .. ويمرأ فيه لبنها، ويدنو يوم فطامه، فتشقى بما تسعد به كل أم، لولا رباط الله على قلبها، إنه اليوم فى حجرها تهدهده، وهو غداً " ابن فرعون " تسلمه لهم .. فيا لفؤاد أم موسى بما حُمِّل، لولا رباط الله على قلبها!

هذه هى منقبة أم موسى الوحيدة التى يصح أن تكنى بها.

والرباط على القلب يعنى تقويته كى يحتمل، وهذا هو نفسه معنى " كبد " العبرى كما تنص عليه معاجمهم، فلا تستطيع هذا وحدها أم، لكن علماء التوراة لم يفطنوا إليه، إذ لا نص فى التوراة على بلاءات أم موسى، بل يقال لك: إنها ألقته فى اليم فحسب، ثم قالت لأخته قصيه، وإلى هنا ينتهى ذكر أم موسى فى التوراة، فاكتفوا فى تفسير اسمها بالمجد الذى نالته بإنجابها موسى، وليس بشىء كما ترى.

قال عز وجل فى تفسير اسم تلك الصديقة: " وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً، إن كادت لتبدى به، لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ".

والقرآن حين لا ينص على اسم بطل الحدث، يلم بمعناه أحياناً فى ثنايا الآيات، فيصوره بما تكاد تسميه به، واسم " أم موسى " من هذا كما رأيت.

ولعلك التفت أيضاً إلى عبارة القرآن " فؤاد أم موسى " فى سورة القصص، التى تلوت تواً، والتى تشير إلى إلمام القرآن بمعنى الفؤاد الذى فى شطر اسم أم موسى " يُوكبد "، وهو " كِبُود " .. لو قلت: " فؤاد أم موسى " عبرياً، لقلت " كِبود يوكبِد "!

ـ[محب]ــــــــ[31 Mar 2004, 08:54 م]ـ

مصر

" مصر " .. عربياً بمعنى " الحائل "، أى الحاجز بين الشيئين، أو بين الأرضين، يمنعك من اختراقه أو النفاذ منه.

لكن " مصر " تجىء أيضاً فى العبرية بصيغة المثنى " مِصْرَيم " للتعظيم لا للتثنية، كما يعرف حذاق اللغة العبرية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير