تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد اختلق الكاتب هذه القصة لأنه قد اشتبه معنى " يسرائيل " عليه، فظن شقه الأول: " سرا / يسرا " العبرى، بمعنى واثبه وغالبه، فكان المعنى عنده " الذى يساور اللهَ "، أو قل: " الذى ساوره اللهُ " .. قل هذا أو ذاك .. لا أدرى أيهما أقبح عندك: " الذى واثب اللهَ " أو " الذى واثبه اللهُ "؟!

كاتب التوراة يفسر " يسرائيل " على أنها مصارع الله .. وعلماء التوراة تابعوه على ذلك، فردوا الشق الأول من الكلمة إلى " سرا / يسرو " بمعنى واثبه وغالبه وصارعه.

لكن هؤلاء العلماء أنفسهم لم يصنعوا مثل ذلك الصنيع فى الأسماء التى شابهت " يسرائيل " فى التوراة، فلم يردوها إلى نفس الجذر الذى ردوا إليه " يسرائيل "! .. فلماذا خالفوا وفرقوا بين " يسرائيل " وبين الأسماء المشابهة لها فى التوراة؟!

لا شك أنه عَزَّ عليهم العدول عن " التفسير " العظيم الذى فسر به كاتب التكوين اسم إسرائيل، خاصة أنه بنى على ذلك قصة أفردها فى سطور عديدة.

تُرسَم " يِسْرائيل " فى الخط العبرى بغير ألف، أى ترسم " يسرئيل ".

ومن أعلام التوراة ـ غير يعقوب عليه السلام ـ أعلام تشبه هذا الرسم، هى:

" أسَرْئيل " .. و " أسْرِيئيل " .. وأيضاً " يِسَرْئيلَه " ..

أما المقطع الأول فى هذه الأعلام الثلاثة " أسَر " و " يِسَر "، فإن علماء التوراة يأخذونه من الجذر العبرى " أسَر ".

و " أسر " العبرى معناه من " أسر " العربى جد قريب .. ولا يكتفى هذا الجذر العبرى " أسر " بذلك القرب، بل إنه " يكافئ " جذراً عربياً آخر هو " أصر "!

و " أصر " العربى منه " الإصر " أى العهد والميثاق، و " أصره " يعنى عقده وشده، وأيضاً لواه وعطفه.

فمعنى " يسرائيله " وأمثالها هو " إسار الله " أو " إصر الله "!

" إسار " عبرياً يفيد: النذر بالامتناع، فيقولون: " أسر ـ إسار ـ عل نفشو "، يعنون: نذر على نفسه، أو آلى على نفسه.

فمعنى " إسار الله " هو: نذر على نفسه نذراً فقيده الله به، أى الذى أوجب على نفسه فأوجب الله عليه.

لقد رفض القرآن قصة كاتب التكوين، ورفض تأصيله اللغوى لاسم " يسرائيل " الذى تابعه عليه علماء أهل الكتاب .. رفض القرآن هذا وذاك، وفسر لك اسم " إسرائيل " راداً إياه إلى جذره الصحيح فى لغته!

قال عز وجل: " كل الطعام كان حلاً لبنى إسرائيل، إلا ما حرم إسرائيل على نفسه، من قبل أن تنزل التوراة "

" حرم إسرائيل على نفسه " تفسر الشق الأول من الاسم فحسب، وهى بالعبرية " أسر ـ إسار ـ عل ـ نفشو "، فالذى " حرم " هنا هو إسرائيل وليس الله .. لكن القرآن لا يتركك تظن أن " إسرائيل " معناها " الذى حرم على نفسه "، بل يريدك أن تفهم أن الله " حرم " عليه الذى حرمه هو على نفسه، فيقول " كل الطعام كان حلاً لبنى إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه "، فتفهم منها مباشرة أن الله (إيل العبرى) حرم على بنى إسرائيل الذى حرم إسرائيل على نفسه!

بهذه الآية الكريمة، كان التفسير القرآنى لاسم " إسرائيل " عليه السلام، بمعنى " إصر الله "! .. الذى حرم الله عليه ما حرم هو على نفسه!

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Apr 2004, 12:03 ص]ـ

أخي الكريم محب وفقه الله

جزاك الله خيراً على إشارتك لهذا الكتاب النفيس حقاً، وقد كتبه مؤلفه بنفس هادئ، وعلم غزير. وقد التفت إلى وجه من أوجه إعجاز القرآن لم يسبق إليه على هذا النحو. وموضوع الكتاب واضح من عنوان الكتاب، وقد زاده إيضاحاً هذه الأمثلة التي أوردتها جزاك الله خيراً.

والكتاب في حقيقته ثمين جداً، ويحتاج إلى تأمل عميق، ونظر دقيق، ومؤلفه قد أجاد عدة لغات مكنته من المناورة العلمية بسعة ورحابة، وليس كعمق العلم والتحصيل في مناقشة المسائل.

والمؤلف يقرر أن القرآن يفسر في ثنايا الآيات المعنى الدقيق لكل اسم أعجمي علم ورد في القرآن، أيا كانت اللغة المشتق منها هذا الاسم الأعجمي العلم، وإن كانت لغةً منقرضة يجهلها الخلق أجمعون عصر نزوله. وأسلوب القرآن في ذلك كما يقول المؤلف (المجانسة على الاسم العلم بما يفسر معناه أبين تفسير).

وقد استطرد المؤلف إلى قضايا كثيرة عقدية ولغوية وتاريخية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير