وهذا الرأي عندي غير معتمد لأنه يربط النبوة بحيز معين هو مكة ورسالته صلى الله عليه وسلم رسالة عالمية، فهل من المقبول حين يؤمر الناس باتباع هذا الرسول العالمي أن يوصف بأنه المكي في ظل تعصب الناس في كل العصور لقومياتهم سواء وقت الرسالة أو بعدها وحتى عصرنا الحاضر، ومتى كانت للقوميات عصبية بعد أن اتشح الناس بوشاح الإسلام الواسع الذي جعل من الجميع جسدا واحدا {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} ويقرر النبي صلى الله عليه وسلم أنه " لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى " هنا ترجم سلمان رضي الله عنه واقعه الجديد بقوله الذي يحمل كل أطياف الفخر والاعتزاز بالإسلام دينا:
أبي الإسلام لا أب لي سواه ******* إذا افتخروا بقيس أو تميم
ألا يوحي هذا ولو من طرف خفي بصحة زعم كثير من المشككين بأن هذه الرسالة رسالة عربية بدوية محصورة في نطاقها الذي نزلت فيه وأن النص القرآني هو منتج ثقافي تاريخي محدود الزمان والمكان؟
والحاصل أن هذا الرأي لا ينسجم التركيز على ذكر قومية النبي صلى الله عليه وسلم كداعم لتقرير نبوته لا ينسجم وعالمية دعوته التي اعتمدت مساواة الجميع في ظل الإسلام بعيدا عن التعصب القومي.
*************
ثم يذكر أخونا رأيا ثالثا قال فيه:
أمية ثالثة كبيرة
ثم هو النبي "الأمّي" الوحيد الذي تكلم بلغة الناس "الأم"، وهي في نظره اللغة العربية مشيرا في هذا الصدد إلى أن القرآن الكريم لا يُقر إلا "لسانين" إما عربي أو أعجمي، فكل الألسن على اختلافها ما لم تكن عربية فهي أعجمية، والأعجمي هو الذي لا يُبين ولا يُفصّل. "والعربي" لغة: ما أبان وفصّل, وهذا ظاهر نصوص القرآن ..
ــــــــــ
وهذا يقودنا إلى سؤال لم يقطع حوله بجواب حتى الآن
ما أصل اللغات؟
تقدر اللغات في العالم الآن بحوالي ستة آلاف لغة أو تزيد فهل هذه اللغات كلها انبثقت عن اللغة العربية؟
ليس من السهولة بمكان إقناع كثيرين بذلك لأن أهل كل لغة قد تعصبوا لها وقالوا: إن لغتهم أصل اللغات.
عندما نقول ذلك لغير العرب يجب أن تكون نفس القناعة موجودة لديهم، ونحن نعرف أن صراعا كبيرا قام ولا زال بين علماء فقه اللغة حول قضية اللغات وهل لها أصل واحد أم لا، وإن كان فأي لغة؟
أما قضية أن اللغة العربية مبينة وغيرها ليس كذلك فهذا محصور فيمن لسانه عربي، فالعربية بالنسبة لغير العربي لغة غير مبينة، وعليه فالنسبي لا يصلح قاعدة في الأحكام العامة.
****** ومن خلال ما مضى أزداد قناعة بأن الأمي وصفا للنبي صلى الله عليه وسلم معناه الذي لا يقرأ ولا يكتب أي غير المتعلم وهي هنا شرف له لا نقيصة،كما أن نقصان الشهر ليس عيبا فيه وكذا نقصان صلاة المسافر، مع أن النقص في الأصل عيب.
وكيف تكون الأمية مَنقصة وهي دعم واضح لتصديقه صلى الله عليه وسلم فيما جاء به؟
هذه الأمية بالمعنى الراجح لدي يدعمها القرآن الكريم والسنة النبوية والواقع الذي عاشه صلى الله عليه وسلم على النحو الذي أوضحته في مقالي ويحاول كثير من الشككين نفي أمية الرسول صلى الله عليه وسلم لاستغلال ذلك في تصديق دعواهم بأنه كان عالما عبقريا قادرا على تأليف القرآن وليس نبيا أميا نزل عليه القرآن.
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[07 May 2004, 12:24 ص]ـ
هذا أدب جم, يصلح درسا للمتخالفين ... أسأل الله أن يملأك خلقا حسنا ...
ولكن .. كل الذي كتبته 0بارك الله في جهدك- يرده هذا السؤال ..
إذا كان هو الامي لانه من الامة الامية التي لم تؤت كتابا, وكذلك هم, الاميون للسبب نفسه, فقد انتفى الشرط والسبب الذي لاجله سمو وسمي الامي, فلم يعد ولم يعودوا أميين, عند أول آية تلقاها ثم تلاها عليهم ... أليس كتابنا خير الكتب؟؟ إذا نحن لسنا أميين -بالفهم القديم- منذ ذلك اليوم.
وأحترم رأيك كثيرا, ولكن ما زال مجموع ما أتى به الشيخ, وسياقاته العامة أقوى دليلا واهدى سبيلا ..
اللهم اغفر لي وللخطيب!.
ـ[الخطيب]ــــــــ[07 May 2004, 03:51 م]ـ
شيخنا الجليل أبا احمد
ما أحوج الفقير إلى دعاء الصالحين، فمن الصالحين السائرين على الدرب نتعلم الأدب
¥