إذا أطلق الله وصفا على شيء فإن الوصف يؤدي كل المقاصد والمعاني التي تتعلق بالصفة، فإذا وصفنا الله بأننا أمة وسطا فإننا كذلك أمة وسطا في كل شيء يتعلق بالوسطية، وبناء على هذا فإن كل معاني كلمة (أمي) نجدها متجلية، وكل ملاحظاتنا صائبة.
وإن كنت أريد أن أضيف شيئا آخر حول أمية الرسول صلى الله عليه وسلم فإني اخترت هذه المرة أن أتبين الحكمة من تسمية النبي الخاتم ب (الأمي)، فالله تعالى عزيز حكيم والمعجزة التي آتاها رسوله متعلقة باسمه (العزيز الحكيم) أي هي (حكمته)، ومن تمام الحق أن تتمثل الحكمة في الرسول وفي ما جاء به، أي أن يكون الرسول نفسه آية (تجلت فيه حكمة الله) كما أن القرآن (آيات حكمة)، وحتى عندنا نحن البشر فإننا نجد أنه من الصواب ومن الحكمة أن يكون وزير الصحة دكتورا في الطب ووزير الصناعة مهندسا.
إذن فلا بد أن في تسمية النبي الخاتم ب (الأمي) حكمة، فما هي تلك الحكمة؟
بما أن الله اختار محمدا صلى الله عليه وسلم ليكون رسولا إلى الإنسان (مطلقا) فإنه يجب أن يضرب به المثل للإنسان.
فالإنسان قبل أن يولد كان (روحا) في بطن أمه لبث فيه إلى أن (قدر) الله له أن يولد في ختام الشهر التاسع فيخرج إلى الدنيا (أميا) لا يعلم شيئا فيبدأ في التعلم.
أما (قبل أن يولد كان (روحا)} فذلك (الروح) هو المسيح عليه الصلاة والسلام.
وأما (فيخرج إلى الدنيا (أميا) لا يعلم شيئا فيبدأ في التعلم). فذلك هو محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي الذي أول ما تلقى من الوحي هو (إقرأ باسم ربك الذي خلق ... ).
وأما ((قدر) الله للإنسان أن يولد في ختام الشهر التاسع)، فشهر رمضان هو الشهر التاسع من السنة، وفي ليلة من ليالي العشر الأواخر منه (قدر) الله ميلاد الرسالة.
رسالة الإسلام تتضمن اليقين الأعظم على الإطلاق، فلو أن رجلا ولد قبل البعثة وآتاه الله حكمة لنبأته برسول يجب أن يكون اسمه محمد وكتابه القرآن ومكانه ...
كانت هذه بعض آيات الله التي رأيناها في أنفسنا وسنرى آيات الله في الآفاق إن شاء الله.
ـ[موراني]ــــــــ[23 Oct 2004, 10:58 م]ـ
لا شك في أن المشاركتين الأخريين تنبثقان في عرض الموضوع من الايمان بالله ورسوله النبي الخاتم.
غير أنني شخصيا لا أتدخل في هذه الأمور بل أود الاقتراب من القضية بفصل الايمان والعقيدة من المناهج العلمية والمعرفية. فمن يرفض هذا الموقف فليرفضه مشكورا , فمن يقبل منه شيئا يسيرا فليقبله مشكورا أيضا.
لقد كنت تمنيت أن أجد اجابة على ما ذكرت حول (ذم) عبارة (الأمي)
فلم أجد. فلذلك أضيف: أغلبية الشعراء في الجاهلية لم يحسنوا الكتابة والقراءة الا أنهم كانوا من أشهر الشعراء في جزيرة العرب.
كانوا أميين ولم يكن بذلك بأس.
لا أقصد في هذا المجال مقارنة ما بين الشاعر والنبي كما فعله البعض الذين سبقونا.
بل أود أن أقول فحسب أن صفة الأمي بمعناها المذكور (لا كتابة ولا قراءة) ليس بذم.
موراني
ـ[أبو علي]ــــــــ[24 Oct 2004, 08:58 ص]ـ
يا أستاذ موراني
كلمة (أمي) ليست ذما وإنما كلمة (جاهل) تعتبر ذما.
فالأمي هو الذي لا يعلم، أما الجاهل فهو الذي يفهم قضية خاطئة وهو يحسب أنه على صواب.
فالذي يقف عند مسألة لا يعلم حلها فيقول: لا أدري، هذا لا يقال عنه إنه جاهل.
أما الذي لا يعلم ثم يزعم أنه يعلم فذلك هو الجاهل.
أتابع الآن بيان الحكمة في كون النبي الخاتم يجب أن يكون أميا.
هل من الحكمة أن ينزل الله قرآنا يقول: إقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم) على رجل متعلم؟
فالعلم هو أعظم رحمة، ورحمة الله ينالها من هو أولى بها، والأمي أولى وأحق أن يعلمه الله مالم يعلم من المتعلم. فالحكمة تقتضي أن توضع الأشياء في مواضعها، ووضع الشيء في موضعه هنا هو أن يكون المخاطب ب
: إقرأ ...... علم الإنسان ما لم يعلم) أميا لأنه هو الأولى والأحق بالعلم.
وهذا الأمي يجب أن يكون يتيم الأب والأم, لأن اليتيم هو الأولى والأحق برحمة الله ممن له أبوان أو له أحدهما.
فإذا كان عنوان رسالة الإسلام هو (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) فإن كل شيء متعلق بالرسالة يجب أن يكون محكما، والحكمة تعرف ب (الحق).
¥