ـ[أحمد تيسير]ــــــــ[19 May 2009, 04:05 م]ـ
أرفع هذه المناقشات للاستفادة ...
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[19 May 2009, 06:22 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لقد وصف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بوصف "الأمي" في قوله تعالى من سورة الأعراف:
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158))
والرسول صلى الله عليه وسلم وصف بهذا الوصف لأنه كان من أمة أمية، أي: أمة لا تقرأ ولا تكتب. وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره من حديث بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ"
وهذا الذي أخبر به النبي صلى الله عليه السلام هو الغالب على حال العرب في ذلك الزمن، ولا يعني هذا أنه ليس فيهم من يعرف القراءة والكتابة، ولا يعني أن هذا حث للأمة أن تبقى على هذا الحال كما فهمه أو يفهمه البعض، وإنما قال ذلك صلى الله عليه وسلم في سياق بيان أحكام الصيام؛ بداية الشهر ونهايته،فعلق الحكم بالرؤية المتيسرة لكل أحد فقال: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة". وهذا من اليسر الذي بني عليه الإسلام كما قال بن بطال في شرحه على البخاري:
"وإنما المعول على الرؤية في الأهلة التي جعلها الله مواقيت للناس في الصيام والحج والعدد والديون، وإنما لنا أن ننظر من علم الحساب ما يكون عيانا أو كالعيان، وأما ما غمض حتى لا يدرك إلا بالظنون وتكييف الهيئات الغائبة عن الأبصار فقد نهينا عنه، وعن تكلفه."
والرسول صلى الله عليه وسلم كان ينطبق عليه هذا الوصف الذي ذكره عن أمته بنص الكتاب، قال تعالى:
(وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) سورة العنكبوت (48)
والآية واضحة في أنه لم يكن يتلو لأنه لا يعرف صورة الحرف ولا يقدر أن يخطه بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم. وهذا أمر قدره الله تعالى ليكون من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم والآية واضحة في ذلك.
وأما كون الأمية نقص في حقه صلى الله عليه وسلم فلا، نعم قد تكون في حق غيره، أما هو فلا.
كم ممن يجيد القراءة والكتابة ولكنك لا تأمنه على ثلاث من البهم.
أما النبي صلى الله عليه وسلم فهو معلم الدنيا.
النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ ولم يكن يكتب ولكن الله حباه عقلاً لا تساويه عقول العالمين، وحباه قلبا لا تساويه قلوب العالمين، وحياته وسيرته صلى الله عليه وسلم شاهدة بذلك.
النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن كما يظنه البعض مجرد واسطة أو آلة ينقل ما سمع ويبلغه للآخرين وينتهي دوره،لا.
لقد كلف صلى الله عليه وسلم بتقديم المثال الحي لوحي الله على الأرض، كلف بإبلاغ الشريعة أولاً والدعوة إليها والجهاد من أجل التمكين لها في الأرض ومن ثم تربية الأتباع على التطبيق الصحيح لهذه الشريعة، وما كان له ذلك لو لم يكن الله قد حباه من المعاني والصفات الخلقية ما تجعله أهلاً لذلك.
¥