ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[03 Mar 2007, 05:43 ص]ـ
موضوع رائع ... جزاك الله خيرا
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[09 Mar 2007, 11:21 م]ـ
أشكر لكم د. عبدالرحمن الصالح هذا التشجيع، فقد بدا لي ـ مع مرور الأيام وقلة المتصفحين لهذا الموضوع ـ أنني أخطأت الطريق،أو لم يكن الاختيار موفقاً.
ومن حالات الضعف البشري التي اعترت الأنبياء:
ما وقع لنبي الله يوسف من محاولة الإيقاع به في شباك فتنة النساء،وأيّاً ما كان الكلام في تفسير العلماء للهمّ،فإن الكيد حاصل،والرغبة من قبل امرأة العزيز موجود بالنص (ولقد همّت به)،ولقوله في الآية الأخرى: (فصرف عنه كيدهن).
أما كيف عولج هذا من قبل هذا النبي الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم؟
فهو في:] قوله سبحانه: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) [يوسف/33، 34])
ويبدو من هذا النص القرآني علاجان:
1 ـ اختيار العقوبة الدنوية ـ وإن كانت صعبة ـ على الوقوع في المعصية.
2 ـ اللجأ،بل الفزع والفرار إلى الله تعالى ـ ونعم المولى ربنا ونعم النصير ـ.
قال العلامة السعدي ـ رحمه الله ـ في معرض حديثه عن فوائد قصة يوسف:
ومنها: أن يوسف عليه السلام اختار السجن على المعصية، فهكذا ينبغي للعبد إذا ابتلي بين أمرين - إما فعل معصية، وإما عقوبة دنيوية - أن يختار العقوبة الدنيوية على مواقعة الذنب الموجب للعقوبة الشديدة في الدنيا والآخرة، ولهذا من علامات الإيمان، أن يكره العبد أن يعود في الكفر، بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يلقى في النار.
ومنها: أنه ينبغي للعبد أن يلتجئ إلى الله، ويحتمي بحماه عند وجود أسباب المعصية، ويتبرأ من حوله وقوته، لقول يوسف عليه السلام: {وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ}.
ومنها: أن العلم والعقل يدعوان صاحبهما إلى الخير، وينهيانه عن الشر، وأن الجهل يدعو صاحبه إلى موافقة هوى النفس، وإن كان معصية ضارا لصاحبه).
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[09 Mar 2007, 11:39 م]ـ
وتعقيباً على الحالة الأخيرة التي ابتلي بها يوسف عليه الصلاة والسلام،أذكر نفسي وإخوتي،فأقول:
قد لا يبتلى أحدنا بالصورة التي ابتلي بها يوسف، لكنه قد يبتلى بصور أخرى من صور الفتنة،خصوصاً في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن،وتنوعت أسبابها،وازداد دعاة الرذيلة،وكثرت القنوات التي تروج لفتنة النساء،وأما شبكة الإنترنت فأمرها أشهر من أن يذكر ـ نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ـ.
وههنا يحتاج العبد إلى أمرين:
1 ـ أن يربي نفسه،ويجاهدها على عبادة المراقبة،وأن يتذكر أن مرارة المجاهدة ستضمحل في حلاوة لذة الانتصار على النفس،وحلاوة الإيمان التي يقذفها الله في قلب العبد بسبب صبره على المعصية في موطن لا يراه فيه إلا الله،مع قدرته،وتمكنه من تلك المعصية.
ويعجبني هنا كلام قرأته لابن الجوزي في "صيده" الثمين،حيث يقول:
(إن للخلوة تأثيرات تبين في الجلوة، كم من مؤمن بالله عز وجل يحترمه عند الخلوات فيترك ما يشتهي حذراً من عقابه، أو رجاء لثوابه، أو إجلالاً له، فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عوداً هندياً على مجمر فيفوح طيبه فيستنشقه الخلائق ولا يدرون أين هو.
وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوى تقوى محبته، أو على مقدار زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد الطيب، ويتفاوت تفاوت العود،فترى عيون الخلق تعظم هذا الشخص وألسنتهم تمدحه ولا يعرفون لم.
ولا يقدرون على وصفه لبعدهم عن حقيقة معرفته.
وقد تمتد هذه الأراييح ـ جمع رائحة ـ بعد الموت على قدرها، فمنهم من يذكر بالخير مدة مديدة ثم ينسى.
ومنهم من يذكر مائة سنة ثم يخفي ذكره وقبره.
ومنهم أعلام يبقى ذكرهم أبداً.
وعلى عكس هذا من هاب الخلق، ولم يحترم خلوته بالحق.
فإنه على قدر مبارزته بالذنوب وعلى مقادير تلك الذنوب، يفوح منه ريح الكراهة فتمقته القلوب.
فإن قل مقدار ما جنى قل ذكر الألسن له بالخير، وبقي مجرد تعظيمه.
وإن كثر كان قصارى الأمر سكوت الناس عنه لا يمدحونه ولا يذمونه.
¥