ورب خال بذنب كان سبب وقوعه في هوة شقوة في عيش الدنيا والآخرة وكأنه قيل له: إبق بما آثرت فيبقى أبداً في التخبيط، فانظروا إخواني إلى المعاصي أثرت وعثرت ..
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن العبد ليخلو بمعصية الله تعالى فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر.
فتلمحوا ما سطوته، واعرفوا ما ذكرته. ولا تهملوا خلواتكم ولا سرائركم، فإن الأعمال بالنية، والجزاء على مقدار الإخلاص.
ويقول ـ أيضاً ـ رحمه الله:
(والله لقد رأيت من يكثر الصلاة والصوم والصمت، ويتخشع في نفسه ولباسه، والقلوب تنبو عنه، وقدره في النفوس ليس بذاك.
ورأيت من يلبس فاخر الثياب وليس له كبير نفل ولا تخشع، والقلوب تتهافت على محبته.
فتدبرت السبب فوجدته السرير، كما روي عن أنس بن مالك أنه لم يكن له كبير عمل من صلاة وصوم، وإنما كانت له سريرة.
فمن أصلح سريرته فاح عبير فضله، وعبقت القلوب بنشر طيبه.
فالله الله في السرائر، فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح ظاهر).
2 ـ كثرة اللجأ إلى الله،وشدة الفزع، خاصة عند اقتراب أسباب الوقوع في فتنة النظر،أو ما فوقها.
ولا أتألى على ربي،ولكن من باب إحسان الظن به سبحانه،والله ما سأله أحدٌ صادقاً،ولا فزع إليه أحد متذلالاً إلا أجابه!
أي ضرورة أعظم من ضرورة العبد لحفظ دينه،والقيام بعبوديته حال السر؟!
لئن كان المشركون يجابون حينما يدعون مضطرون من أجل سلامة أبدانهم، أفتظن أن الله يخيب عبداً دعاه لسلامة دينه وعرضه؟! اللهم لا!!
أقول هذا وأنا ـ والله ـ من المخلطين،ولكن ليس من شرط الواعظ أن يكون قائماً بكل ما يقول،ولا سالماً من أي معصية:
ولو لم يقم في الناس من هو مذنب ... فمن يعظ العاصين بعد محمدِ؟
والله سبحانه المسؤول أن يشملنا بعفوه العظيم،وستره الجميل،وأن يرزقا خشيته في الغيب والشهادة،وأستغفر الله من الجرأة مع التقصير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Mar 2007, 01:26 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذا الموضوع البديع، وقولكم: (فقد بدا لي ـ مع مرور الأيام وقلة المتصفحين لهذا الموضوع ـ أنني أخطأت الطريق،أو لم يكن الاختيار موفقاً) ليس صحيحاً، بل هو اختيار موفق جداً.
إلا أن هذا الموضوع من الموضوعات الدقيقة التي تحتاج إلى تأمل، وجمع للآيات حتى لا يقع المشارك في الوهم والخطأ.
وقد ظهر لي بادي الرأي من الحالات التي يمكن إدراجها تحت هذا الوصف:
الحالة الثالثة:
حالة الشفقة والرحمة في غير موضعها، مما يدل على الجانب البشري في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأنه قد يغلب في بعض الأحيان والمواقف.
وذلك كحال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما استبقى أسرى بدر شفقة عليهم، وأخذاً بجانب الرحمة.
فعاتبه الله بقوله: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)).
ويدخل تحت هذا صنيع نوح عليه الصلاة والسلام في سؤاله نجاة ابنه المخالف له في الدين، في قوله:وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ {45} قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ {46} قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ {47
فهذا جانب الأبوة والبشرية غلب عليه عليه الصلاة والسلام.
الحالة الرابعة:
الغضب الذي يعتري بعض الأنبياء.
كما في قوله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي
مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
وقوله: (وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ)
والموضوع من أطرف الموضوعات، والتأمل فيه باب من تدبر القرآن العظيم أجزل الله لك الثواب يا أبا عبدالله.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[22 Mar 2007, 03:13 م]ـ
بوركت أبا عبدالله ..
ومما يدخل تحت عارض الغضب، قصة يونس عليه الصلاة والسلام.
ولي عودة ـ إن شاء الله ـ.
¥