تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و هذا التخصيص كان موجودا كذلك في شرع من قبلنا، و من ذلك ما قاله الله تعالى - حكاية عن أم مريم عليها السلام -: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}. [مريم:36،35]

تفسير الآية: {و ليس الذكر كالأنثى}

أ- قال الماوردي في تفسيره - المسمى " النكت و العيون ": قال تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} لأن الأُنثى لا تصلح لما يصلح له الذكر من خدمة المسجد المقدس، لما يلحقها من الحيض، ولصيانة النساء عن التبرج، وإنما يختص الغلمان بذلك.

ب- و قال الإمام السيوطي في تفسيره " الدر المنثور ": أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال: كانت امرأة عمران حررت لله ما في بطنها، وكانوا إنما يحررون الذكور، وكان المحرر إذا حرر جعل في الكنيسة لا يبرحها، يقوم عليها ويكنسها، وكانت المرأة لا تستطيع أن تصنع بها ذلك لما يصيبها من الأذى، فعند ذلك قالت: {وليس الذكر كالأنثى}. أهـ

والأصل دخول أداة التشبيه على المشبه به، وقد تدخل على المشبه؛ لوضوح الحال؛ نحو هذا: {وليس الذكر كالأنثى}؛ فإن الأصل: وليس الأنثى كالذكر، وإنما عدل عن الأصل لأن المعنى: وليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وهبت. وقيل لمراعاة الفواصل لأن قبله إني وضعتها أنثى. [الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي]

و هذا القول الكريم: {و ليس الذكر كالأنثى} نص في عدم إطلاق مساواة الإناث بالذكور في كل الأعمال و المهام. {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}، {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}. صدق الله العظيم

* * *

•كانت هذه مقدمة ضرورية لمسألة ولاية النساء القضاء؛ لكيلا يساء الفهم و القصد.

•و قد تقدم قول الإمام الخطابي في " معالم السنن " – و الذي حكاه عنه العظيم آبادي - إن الخطاب إذا ورد بلفظ المذكر كان خطابا للنساء إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها.

•و من مواضع الخصوص: ولاية المرأة الحكم والإمارة. و يدخل في الإمارة القضاء والحسبة ونحو ذلك من الولايات العامة.

فلننظر في الأدلة الشرعية المتعلقة بمسألة ولاية المرأة القضاء؛ لنتبين منها حكم الشرع فيها:

الدليل الأول: قول الله عزّ و جلّ - إنكارا و ردا على إفك المشركين -: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مثلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}. [الزخرف: 18،17،16]

فقوله تعالى: {أو من ينشّأ في الحلية و هو في الخصام غير مبين}. يعني: المرأة؛ قاله ابن عباس رضي الله عنهما. و كذا قال مجاهد. و قال قتادة: الجواري و البنات و المرأة. و قال السدّي: النساء. [تفسير الطبري]. و الكل بمعنى واحد؛ هو الإناث.

قال الطبري: وقال آخرون: عُنِي بذلك أوثانهم التي كانوا يعبدونها من دون الله.

و عقّب عليه بقوله: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عُنِي بذلك الجواري والنساء؛ لأن ذلك عقيب خبر الله عن إضافة المشركين إليه ما يكرهونه لأنفسهم من البنات، وقلة معرفتهم بحقه، وتحليتهم إياه من الصفات والبخل، وهو خالقهم ومالكهم ورازقهم، والمنعم عليهم النعم التي عددها في أول هذه السورة ما لا يرضونه لأنفسهم، فاتباع ذلك من الكلام ما كان نظيرا له أشبه وأولى من اتباعه ما لم يجر له ذكر. أهـ

تفسير الآية في كتب التفاسير:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير