تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أ -قال الإمام الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}: يقول تعالى ذكره: أو من ينبت في الحلية ويزين بها (وَهُوَ فِي الْخِصَامِ) يقول: وهو في مخاصمة من خاصمه عند الخصام غير مبين، ومن خصمه ببرهان وحجة، لعجزه وضعفه، جعلتموه جزء الله من خلقه وزعمتم أنه نصيبه منهم.

ب - و قال الإمام البغوي: {فِي الْحِلْيَةِ} في الزينة يعني النساء، {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} في المخاصمة غير مبين للحجة.

ت - و قال الإمام القرطبي: قوله تعالى: " وهو في الخصام غير مبين " أي في المجادلة والادلاء بالحجة.

قال قتادة: ما تكلمت امرأة ولها حجة إلا جعلتها على نفسها.

ث - و قال ابن حبان في " البحر المحيط ": {وهو في الخصام غير مبين}: أي لا يظهر حجة، ولا يقيم دليلاً، ولا يكشف عما في نفسه كشفاً واضحاً. ويقال: قلما تجد امرأة لا تفسد الكلام، وتخلط المعاني.

ج- و في " بحر العلوم " للسمرقندي: {وَهُوَ فِى الخصام غَيْرُ مُبِينٍ} يعني: في الكلام غير فصيح. ويقال: هن في الخصومة، غير مبينات في الحجة ويقال: أفمن زين في الحلي، وهو في الخصومة غير مبين، لأن المرأة لا تبلغ بخصومتها، وكلامها ما يبلغ الرجل.

دلالة الآية:

فهذا القول الإلهي الكريم نص في كون النساء غير مبيّنات في الخصام، و إذا كان هذا شأنهن في مجرد بيان الخصام؛ فكذلك شانهن في الفصل في الخصام؛ من باب الأولى.

و الفصل في الخصومات هو " القضاء ".

و إذا كان ذلك هو شأنهن في بيان الخصام الخاص بهن؛ فهو كذلك في استبيان خصام غيرهم و الفصل فيه؛ من باب أولى.

و عليه: فقوله تعالى في شأن الإناث: {و هو في الخصام غير مبين} نص في مسألة عدم جواز تولية المرأة الفصل في الخصومات، و هو القضاء؛ بدلالة الأولى.

و هذه الدلالة هي أحد دلالات الألفاظ الشرعية للنص؛ المقررة في أصول الفقه.

الدليل الثاني: قول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح: " لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ". و ذلك لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى. رواه الإمام البخاري، و الترمذي، و الحاكم، و أحمد، و غيرهم.

أ - روى البخاري في " صحيحه " عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: (لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الْجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ: " لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ").

ب - و روي في مسند أحمد بلفظ: " مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ يَلِي أَمْرَهُمْ امْرَأَةٌ ".

فهذا الحديث نص في عدم فلاح القوم الذين يولون أمرأة أمرهم.

- و القول بأن هذا كان فقط على سبيل الإخبار بما سيكون من هزيمة أهل فارس وقتذاك، و لم يكن حكما تشريعيا للأمة: ادعاء غير صحيح؛ لأن (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب).

و سبب ورود الحديث يعين على تفسيره، و لكن لا يجوز تخصيصه به، و إلاّ كانت معظم أحكام الشرع خاصة بالعصر و بالقوم و بالوقائع التي قيلت فيها الأحاديث. و هذا باطل؛ لنفيه عموم الرسالة إلى يوم الدين.

- و كذا القول بأن ذلك في الإمامة العظمى أو الكبرى وحدها: فغير صحيح أيضا؛ لأنه قيل في ملك الفرس المجوس وقتذاك، و لم تكن عندهم إمامة أصلا، لا كبرى و لا صغرى.

و هذا يدحض الادعاء بجواز ولاية المرأة الحكم في بلادنا الآن؛ بدعوى تخصيص النهي بالإمامة الكبرى، و يدحضه عموم الحديث أولا.

و الحديث عام في كل أنواع الولايات العامة؛ لمجيئه بلفظ من ألفاظ العموم، و هو هنا: النكرة في سياق النفي و النهي؛ على ما هو مقرر في علم الأصول.

فكأنه قال: لن يفلح كل قوم ولوا أمرهم امرأة. و يدخل في ذلك الحكم و القضاء؛ فالقوم الذين يولون أمرهم في الحكم إلى امرأة داخلون في معنى الحديث، و كذا القوم الذين يولون أمرهم في القضاء إلى امرأة داخلون في معنى الحديث أيضا؛ لأن دلالة العموم من دلالات الألفاظ الشرعية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير