ومن الآداب المقصودة والغايات المرجوة ما ألتقط من المعاملات الربانية لعباده في باب الخوف و الرجاء،ففي بعض المواطن يذكر جانب الخوف إذا غلب على المخاطبين جانب الخوف كقوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (54)} [الزمر]، أما إن غلب على القوم الإهمال خوطبوا بالعتاب وبالتخويف قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِينا (57)} [الأحزاب] فكل تلك المعاني ملتقطة من ترتيب القرآن الكريم وعلى المكلف التعلق بتلك الآداب.
مسلك من مسالك توجيه المتشابه اللفظي:
القرآن الكريم كتاب جاء بنائه اللفظي محكما، لا يمكن لأي كان أن يغير في جمله ولا في كلماته،وإن ظن بأن المرادف قد يفي بالغرض إلا أن الأمر ليس كذلك، فالقرآن يراعي في اختياراته اللفظية والمعنوية وحتى الصوتية مناسبات الآيات لسوابقها ولواحقها،بحيث تجئ الكلمة أو العبارة فيها متمكنة في موقعها، ملائمة لسياقها لا يسد غيرها مسدها. وقد تنبه عدد من علمائنا إلى هذا الأمر في توجيه الآي المتشابه أمثال ابن الزبير الغرناطي الذي جعل لعلم المناسبة مكانة خاصة وقد وظفها أفضل توظيف لتوجيه المتشابه اللفظي،ومن أمثلة ذلك توجيه التشابه في قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى} [النازعات] وقوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ} [عبس 33] على الرغم من أن المراد منهما هو القيامة، فوجهها بقوله: " الطامة والصاخة وإن أريد بهما في السورتين شيء واحد فإن اسم الطامة أرهب أنبأ بأهوال يوم القيامة، لأنها من قولهم طم السيل إذا علا وغلب.أما الصاخة فالصيحة الشديدة، من قولهم صخ بأذنيه مثل أصاخ، فأستعيرت من أسماء القيامة مجازا لأن الناس يصيخون لها، فلما كانت الطامة أبلغ في الإشارة إلي أهوالها خص بها أبلغ الصورتين في التخويف والإنذار وعلى ذلك بنيت سورة النازعات ... ووصف الطامة بالكبرى ..... ، فكلها تخويف وترهيب، فناسبها أشد العبارتين موقعا وأرهبهما،و أما سورة عَبَسَ وَتَوَلَّى فلم تبنى على ذلك الغرض،وإنما بنيت على قصة عبد الله بن أم مكتوم .. " هذا وقد استثمر ابن الزبير علمه بالمناسبات بين السور -الذي يعد أول من صنف فيه سابقا معاصريه -في توجيه التشابه اللفظي ومن ذلك التوجيه الذي ساقه ليبين الفرق بين قوله تعالى: { .. فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ .. } [طه 48] وقوله تعالى: {فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ .. } [الشعراء16] فقد ثني لفظ الرسول في الآية الأولى وأفرد في الثانية، فآية طه وردت على المشهور من لغة العرب أما آية الشعراء فقد وردت على لغة من يقول رسول للواحد و الاثنين والجمع، لذا تقدمت اللغة المشهورة ثم تلتها اللغة القليلة والعكس مخالف للترتيب.
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[19 May 2007, 01:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
توظيف جيد لعلم المناسبة في خدمة علم المقاصد، وهي مسألة مهمة ولست بالبسيطة، ولا يدرك كنهها إلا من مارس العلمين، ووصف الباحثة لمشاركتها هذه بالبسيطة ليس بصحيح، بل هو من باب التواضع، وتأثر الباحثة بأستاذها المشرف ظاهرجدا -والله أعلم
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[20 May 2007, 12:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الأخت الفاضلة الأستاذة البتول ـ حفظها الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد، فإني أحمد الله إليكن أن وفقكن لمقاربة موضوع المناسبة بهذه الطريقة المبتكرة، مما يؤكد أن البحث العلمي في حقيقته رؤية و منهج. آملا التوسع في عرض الموضوع إغناء للمشاركة. كما أتوجه بالشكر و التقدير للأستاذ الدكتور عبد الفتاح خضر، و الأستاذ الفاضل صادق الرافعي ـ حفظهما الله ـ. سائلا الله تعالى أن يمتع الجميع بالصحة و العافية، و يديم تواصلنا و عملنا خدمة للقراآن الكريم.
جزاكم الله خيرا.
وتفضلوا بقبول خالص تحياتي و تقديري.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[البتول]ــــــــ[21 May 2007, 07:02 م]ـ
الشكر موصول للدكتور أحمد بزوي الضاوي، و للأستاذ صادق الرافعي الذي أخذنا من علمه ونحن زملاء بقسم الكتاب والسنة بالجزائر " وهران ".
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[21 May 2007, 09:52 م]ـ
اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ..
و اجعلني خيرا مما يظنون ...
و اغفر لي مالا يعلمون ...
اللهم آمين
وفق الله الجميع لمرضاته، والفوز بجناته، ولذة النعيم بالنظر
إلى وجهه الكريم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[30 Nov 2007, 08:40 م]ـ
هل صح أن هناك للدكتور فهد الرومي بحث حول تناسب فواتح السور وخواتمها (؟؟؟)
¥