تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالصبر والثبات هما عدة الإعلاميين والدعاة في الإسلام، وعليهم أن يقابلوا هذا الأذى بالصبر الجميل لا بالجزع، وبالثبات لا بالفرار، وإذا كان الإعلامي المسلم قادراً على توقي الأذى، فعليه أن يتوقاه حسب الظروف والأحوال، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلّ نَفْسَهُ قالوا: وكَيْفَ يُذِلّ نَفْسَهُ؟ قال: يَتَعَرّضُ مِنَ الْبَلاَءِ لِمَا لا يُطِيقُ)) ().

ولما هاجر المسلمون من مكة إلى الحبشة فراراً بدينهم وتخلصاً من أذى قريش، دل ذلك على جواز دفع البلاء والأذى وعدم الاستسلام له، لأن نفس المسلم ليست ملكه وإنما هي ملك الله فلا يجوز إتلافها بلا فائدة تعود إلى الإسلام.

ومن صفات الإعلام الإسلامي أنه إعلام علني عام للبشر جميعاً، إذ ليس في الإسلام إعلام سري أو نصف سري قال الله تعالى: ? إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ? ().

ومن صفات الإعلام الإسلامي مخاطبة الناس على قدر عقولهم، وعدم الاستخفاف بعقول الناس واحترامهم بلا مَلَق ولا إسفاف في النقاش، وإنما الجدال بالتي هي أحسن واحترام الرأي الآخر وعدم الاستهانة به، وذلك سبيلاً للإقناع والاقتناع، قال علي كرم الله وجهه: ((حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يُكَذَّبَ الله ورسوله)) ().

ومن واجب الإعلاميين المسلمين كشف الزيف والكذب والافتراء على الإسلام والمسلمين بكل الوسائل المتاحة كالقنوات الفضائية وإصدار الكتب والمجلات والجرائد باللغات المختلفة حتى نحدَّ من إعلام العدو المخادع والكاذب.

أما الشائعات ودور الإعلام الإسلامي في مقاومتها:

فما الشائعة؟ وماذا يقصد بالشائعة؟ وكيف نقاوم الشائعات؟

الشائعة لغة:

قال في المعجم الوسيط: خبر ينتشر دون تثبت من صحة وقوعه.

واصطلاحاً:

إن للباحثين وجهات نظر متباينة في تعريف الشائعات:

قال الدكتور محمود أبو زيد: الشائعة محض اختلاق يتناوله الناس من مصدر لا أساس له من الواقع ().

وقال الدكتور إبراهيم الإمام: تنطلق الشائعة من انتزاع خبر أو معلومة معينة، والتهويل من شأنها، بربطها بالأحداث والعُرف والقيَم السائدة.

وقال (ألبور وبوتسمان): تأكيد عام يعرض بوصفه حقيقة دون أن توجد معطيات مشخصة تتيح التثبت من صحته.

وقال (كناب): تصريح أُعدَّ ليصدق، ذو علاقة بالأحداث الراهنة، وينتشر دون التحقق من صحته رسمياً.

ويلاحظ (بيترسون وجيست): أن مفهوم الشائعة في معناه الرائج يدل على تقرير أو شرح غير محققين، ينتقلان من شخص إلى شخص، ولهما علاقة بموضوع، أو حدث أو مسألة تلقى اهتماماً عاماً ().

ويتفاقم خطر الإشاعة بالانضمام إليها والدفاع عنها، فيصبح لها أنصار ومروِّجون، وليست كل شائعة سيئة، ولكن أخطر ما في إشاعة السوء، سرعة انتشارها بالتناقل الشفوي، إذ أنها تهدف لإحداث تأثير معنوي في الآخرين لتحقيق غرض معيَّن، ويلجأ المروِّجون إلى تحريف المصادر، أو المبالغة في حجمها، بقصد أو بدون قصد.

والشائعات غير القصدية والتي تعتمد على العفوية وحسن النية، أشد خطورة لسهولة انتشارها، فتسري كالنار في الهشيم، ولذلك نجد دعاة السوء يسخرون بنشر شائعاتهم القصدية، أناساً بسطاء بعيدين عن الشك بهم، فتثق العامة بهم، ولا تقبل انتقاصاً من قدرهم.

وطائفة أخرى تعمل على ترويج الشائعات في عالم الاقتصاد والمعيشة، ويبدو الأمر يسيراً إذا اقتصر على الباعة والمنتجين، حين يدَّعون أن بضاعتهم غير مزجاة، وأن زيتهم صاف وليس كغيره من الزيوت العكرة، وحسبك الإعلانات التجارية والصناعية التي تبث عبر الشاشة الصغيرة، فتنطلق بها ألسنة الصغار والكبار.

وطائفة ثالثة تعمل على إشاعة الأوهام الاجتماعية والسياسية بواسطة الصحافة والرسوم المرنة (الكاريكاتيرية) الساخرة، والتي تبلغ حدَّ السلاح في المعارك، وما زال جيل بين أظهرنا يذكر دَوْر الصحف الساخرة كالمضحك المبكي في سوريا، والبعكولة في مصر الشقيقة ().

أما وسائل نقل الشائعات، فأقواها الكلمة، ثم الحركة، ولها في معظم الأحيان وقع أشد من الكلمة، كحركات النفي القاطع، والبناء الجازم، والتهديد والوعيد والخبر السعيد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير