تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولو صغرت ابنما على مذهب النحويين لقلت بني تحذف الميم في الوزن كحال ابن لا فرق بينهما في ذلك إلا أن الميم زيدت فيه وأما امرؤ فالعرب إذا أدخلت الألف واللام حذفوا الهمزة فقالوا هذا المرء ورأيت المرء فإذا حذفوا الألف واللام جاؤا بهمزة هذا معظم كلامهم ويقولون هذا مرء فيضمون الميم في الرفع ورأيت مرءاً فيفتحونها في النصب ومررت بمرء فيكسرونها في الخفض واجود اللغتين إقرارها على الفتح لان الفرآء مجمعون على قراءة هذا الحرف بين المرء وقلبه. وقد حكي عن بعضهم بين المرء وقلبه بكسر الميم ووزن المرء الفعل وقد ثبت أن الراء تتحرك في قولهم أمرؤ فتبتع حركة الهمزة فيجوز أن يكون المرء مما فيه لغتان في الأصل فَعل وفَعْل مثل سطر وسطر ونهر وقالوا امرأة فلزمت الراء الفتحة فدل ذلك على إنها متحركة في الأصل فإما الميم فلا يجوز أن تكون ساكنة لأنها أول الكلمة وإنما طرأ عليها السكون فوزن امرأة افعلة فإذا حقرتها قلت مريئة مثل ما تصغر اكمة ونحوها وتحذف همزة الوصل كما حذفتها في بني وسمي وقول العامة امرأة ضعيف جدا إلا انه يجوز على قول من قال كلاك الله وهناك الطعام وإذا صغرت على قول من خفف قلت مرية كما تقول في حصاة حصية وإذا أدخلت الألف واللام قلت المرأة وقد حكى الفراء أن المعرب ربما جمعوا بين الألف واللام والهمزة وهو رديء وقلما يقولون رأيت مرأ صالحا وإنما يقولون زأيت امرءا وقد استعملوا ذاك قال الشاعر:

ولست أرى مرءأ تطول حياته = فتبقي له الأيام خالا لا عما

فإما الذين قالوا المو فشددوا فإنها لغة العرب إذا أرادوا تخفيف الهمزة القوها وشددوا الحرف الذي قبلها وقد قرأ بعض الناس ما يفرقون به بين المر وزوجه وتنسب هذه القراءة إلى الحسن ولو حقرت على هذه اللغة لوجب أن تردد فتقول مريء إلا ان يدعي مدع أن قولهم المر بتشديد الراء أصل آخر سوى المرء فيقول في التصغير مربر فإما تشديد الحرف الذي قبل الهمزة الملقاة فقد حكي ومنه قول الشماخ:

رأيت عرابة اللوسي يمو = إلى الغايات منقطع القرين

واشتقاق المرء والله اعلم من المروءة والمعنى في ذلك أن المرء وهو الواحد من بني آدم يميز بفعله من أصناف الحيوان كما تقوا في فلان إنسانية أي يفعل أفعالا جميلة وكذلك قولهم فيه مروءة أي هو أمروء وهذا يحتمل وجهين أحدهما ان يكون أريد به في الأصل تفضيل ابن آدم على غيره من حيوان الأرض والثاني أن يكون أريد به التفضل في النية كما يقولون فلان رجل وقد علم ان الرجال كثير وأنه كغيره منهم وإنما اراد أنه ممن يحكم بالتفضل وهدا يشبه قولهم ما كل زيد زيدا ما كل عمرو عمرا وفي الحديث ان يهوديا رأى عليا عليه السلام يبتاع جهازا فقال له بمن تزوجت فقال بفاطمة بنت محمد (فقال اليهودي لقد تزوجت بامرأة فهذا على معنى التعظيم والخوصية كما قال الهذلي:

لعمر أبي الطير المربة بالضحى= على خالد ان قد وقعن على لح

وأما دم فإن المحذوف منه ياء وبعض الناس يرى أن وزنه دمي على مثال ضرب وإنه مسكن الأوسط في الأصل ولا يلزم أنه محرك الأوسط لأجل قول الشاعر:

فلو أنا على حجر ذبحنا = جرى الدميان بالخبر اليقين

لأن سيبويه إذا رد الساقط ترك الحركة اللازمة على حالها قبل الرد وكذلك رأيه في عدة وجهة إذا رد الواو يقول وعدة ووجهة ورأي أبي الحسن سعيد في مسعدة إن يقول وعدة ووجهة فيرد البنية إلى ما يجب من قبل الحذف وقال بعض النحويين دم أصله فعل وجعله كالمصدر لدمي يدمى دمى كما يقال عمي يعمى عمى ولِمى يلمى لمىً من لمى الشفة وهو سمرتها وسوادها وقد حكى أبو زيد أنه يقال دمى على مثال رحى فإذا صح ذلك فقد بطل الكلام وقد أنشدوا هذا البيت:

ولكن على أعقابنا يقطر الدَّما

على أن الألف أصلية ليست للاطلاق وأنشد أبو زيد:

كأطوم فقدتُ برغزها = أعقبتها الغبس مُنه عدما

غفلت ثم أنت تطلبه = فإذا هي بعظام ودما

فان كان هذا صحيحا فقد يجوز أن يستعمل الشيء ناقصا وتاما كما قالوا أبٌ وقال بعضهم أبا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير