تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السادس عشر: عن أبي سعيد الخدري حديث: ((لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكتبن من الغافلين)) أخرجه مسلم عن ابن عمر وأبي هريرة, وأخرجه ابن خزيمة في ((صحيحه)) عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.

السابع عشر: أسعد بن زرارة عن ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) مرفوعاً: ((من سمع نداء الجمعة ولم يأت طبع الله عز وجل على قلبه فجعل قلبه قلب منافق)).

الثامن عشر: في الآحاد والمثاني:

عن عثمان بن أبي العاص رضى الله تعالى عنه موقوفاً يقول: ((لولا الجمعة والجماعة لدخلت بعض بيوتي هذه فلم أخرج منه حتى أنقل)).

المراسيل:

وجاء عن عبد الله بن محمد مولى أسلم مرسلاً عند عبد الرزاق في ((المصنف)): ((ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتخلف عن الجمعة)).

وجاء عند مالك في ((الموطأ)) عن صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مرسلاً: ((مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلاَ عِلَّةٍ، طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ)).

وعند عبد الرزاق عن ابن شهاب قال بلغنا أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد شهدوا بدراً أصيبت أبصارهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده فكانوا لا يتركون شهود الجمعة فلا نرى أن يترك الجمعة من وجد إليها سبيلا.

وعنده عن محمد بن عباد يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل على أحدكم أن يتخذ الصة من العمر على رأس الميلين من المدينة أو الثلاثة ثم يأتي الجمعة فلا يشهدها ثم يأتي الجمعة فلا يشهدها فطبع الله على قلبه)).

وجاء من حديث قدامة بن وبرة مرسلاً: ((من ترك الجمعة من غير عذر فليتصدق بدرهم أو بنصف درهم أو صاع حنطة أو نصف صاع)).

معنى الطبع والختم على القلب الوارد في الأحاديث:

قال ابن حبان في ((صحيحه)): ((ذكر وصف طبع الله جل وعلا على قلب التارك للجمعة على ما وصفنا)) , أورد بعده من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة فإن هو نزع واستغفر وتاب صقلت, فإن عاد زيد فيها, وإن عاد زيد فيها, حتى تعلو فيه فهو الران الذي ذكر الله جل وعلا: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}.

قال شعيب الأرنؤوط: ((إسناده قوي)).

وقال السيوطي في ((شرحه للنسائي)):

((قال القرطبي: هو عبارة عما يخلقه الله في قلوبهم من الجهل والجفاء والقسوة)) , ونقل الشوكاني في ((النيل)) عن الحافظ العراقي قوله:

((والمراد بالطبع على قلبه أنه يصير قلبه قلب منافق كما تقدم في حديث ابن أبي أوفى, وقد قال تعالى في حق المنافقين: {فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون}.)).

((لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ)): قال الإمام الشوكاني رحمه الله في ((النيل)): ((الختم الطبع والتغطية)) , ونقل قول الحافظ العراقي كما في ((طرح التثريب)): ((والمراد بالطبع على قلبه: أنه يصير قلبه قلب منافق)) , وقد قال تعالى: {{فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ}}.

وقال ابن عبد البر في ((الاستذكار)):

((والختم على القلوب مثل الطبع عليها وهذا وعيد شديد لأن من طبع على قلبه وختم عليه لم يعرف معروفاً ولم ينكر منكراً)).

قال أبو الزهراء:

فهذه الأحاديث واجبٌ على المسلم أن يضعها نصب عينيه, ولا يغفل عنها طرفة عين, فهو متوعد إن ترك الجمعة بلا عذر بأشد أنواع العقاب.

قال الصنعاني في ((سبل السلام)): ((وهذا الحديث {يقصد حديث: لَيَنْتَهيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ} من أعظم الزواجر عن ترك الجمعة والتساهل فيها. وفيه إخبار بأن تركها من أعظم أسباب الخذلان بالكلية.)).

ومما ابتلي به أهل ملة الإسلام تركهم الجُمَع والجماعات لأجل العمل, زعموا.

وهم يجهلون أنهم يرتكبون حراماً بعملهم في وقت الصلاة, قال أبو محمد بن حزم رحمه الله في ((المحلى)):

((قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ}} , وَوَقْتُ النِّدَاءِ: هُوَ أَوَّلُ الزَّوَالِ, فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَيْعَ إلَى انْقِضَاءِ الصَّلاَةِ وَأَبَاحَهُ بَعْدَهَا.)).

وقال الإمام العز بن عبد السلام في كتابه الفذ ((قواعد الإحكام في مصالح الأنام)) (93):

((وَالْبَيْعُ الشَّاغِلُ عَنْ الْجُمُعَةِ حَرَامٌ لَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ، بَلْ لِكَوْنِهِ شَاغِلًا عَنْ الْجُمُعَةِ، فَإِنْ رُتِّبَتْ مَصْلَحَةُ التَّصَرُّفِ وَالطَّاعَاتِ عَلَى مَصْلَحَةِ الْجُمُعَةِ، قُدِّمَ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ عَلَى الْجُمُعَةِ.)).

ونقول لهم ما قاله تعالى في سورة المنافقون: {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}}. وأي ذكر أعظم من الصلاة المفروضة.

ولم يكن هذا من هدي السّلف رضوان الله علهم بل كانوا أشد الناس حرصاً, على الجماعات. أما المسلمين اليوم فقد أضاعوها, قال تعالى: {{َخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}}. وقال تعالى: {{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً}}.

قال الشافعي في ((الأم)):

((حضور الجمعة فرض فمن ترك الفرض تهاوناً كان قد تعرض شراً إلا أن يعفو الله)).

والله تعالى أعلم, أرجو من الأخوة ألا يبخلوا علي بالنصح فقد أبى الله أن يصح إلا كتابه.

والحمد لله رب العالمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير