سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} إلى قوله تعالى: {سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء: 58].
قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه.
قال أبو هريرة: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرؤها ويضع إصبعيه.
قال ابن يونس: قال المقري: يعني: إن الله سميعٌ بصير -يعني: أن للّه سمعاً وبصراً-.
قال أبو داود: وهذا ردّ على الجهمية
قلت والحديث صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود والوادعي في الصحيح المسند واحتجاج أبو داود به يدل على تصحيحه له
فانظر رحمني الله وإياك كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إشارة حسية يحقق بها معنى الصفة وأنها محمولة على الحقيقة فلم يكتفي بالنص القرآني كما زعم الزمزمي بل بينه ووضحه وهذه الإشارة لا تعني التشبيه بل تعني أن لله سمعاً وبصراً يليقان بجلاله وهما سمع وبصر وليسا علم أو أي شيء آخر يتوهمه أهل التعطيل
ومثل هذه الإشارة الحسية ما جاء في حديث جابر عند أحمد بسند صححه الألباني ((ولا تكون حتى تقوم الساعة – أكبر من فتنة الدجال، ولا من نبي إلا حذر أمته، ولأخبرتكم بشيء ما أخبره نبي قبلي. ثم وضع يده على عينه، ثم قال: أشهد أن الله عز وجل ليس بأعور))
فهذه الإشارة تحقيق لصفة العينين وقد منع شيوخ المعطلة من الفعل الذي قام به النبي صلى الله عليه وسلم رغم اعترافه بصحة الحديث
عجباً!! وكأنهم أحرص على الأمة من نبيها
ومثله ما صح عند أحمد أبي حدثنا أبو المثنى معاذ بن معاذ العنبري قال حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك:
-عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى فلما تجلى ربه للجبل قال قال هكذا يعني أنه أخرج طرف الخنصر قال أبى أرانا معاذ قال فقال له حميد الطويل ما تريد إلى هذا يا أبا محمد قال فضرب صدره ضربة شديدة وقال من أنت يا حميد وما أنت يا حميد يحدثني به أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم فتقول أنت ما تريد إليه))
وهذا الحديث صحيح والسقاف وأمثاله يطعنون بهذا الحديث بحجة أنه من رواية حماد بن سلمة وأن ابن أخته كان يدس في كتبه
والجواب أن رواية الدس موضوعة فقد رواها محمد بن شجاع الثلجي وهو جهمي كذاب وقد رد هذه القصة كل من الذهبي في ميزان الإعتدال والحافظ ابن حجر في لسان الميزان
وزعم الزمزمي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين معاني الصفات الزائدة على ما جاء في القرآن لأنه لو حدث الناس بهذا لكان فتنة لهم وإليك نص كلامه ((وآيات الصفات لم يكن بالناس حاجة إلى بيان معنى لها زائد على المعنى الذي بينه " القرآن " (2).
إذ لو حدثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يزيد على المعنى الذي بينه " القرآن " لقصرت عقولهم عن فهمه، وكان فتنة لهم. كما قال (سيدنا) علي - كرم الله وجهه -: " حدثوا الناس بما يفهمون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟! " رواه البخاري (1/ 225 فتح).
فلاجل هذا. . نقول: " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبين معاني آيات الصفات "انتهى
قلت وفي كلامه إزراء بالمهاجرين والأنصار إذ أنه يصور الصحابة على أنهم أجلاف وأعراب لو عرفوا تلك المعاني الزائدة لكان فتنة ولا يوجد في الصحابة خاصة كالذين خاطبهم علي رضي الله عنه فإنه كان يعلم العلماء من أصحابه آمراً إياهم ألا يحدثوا العامة بما يفتنهم وأما الصحابة
فلا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي نفسه رضي الله عنهم يؤمن عليه الفتنة من معرفة هذه النصوص بل حتى قراء الصحابة لم يسلموا من تجهيل الزمزمي وهم الذين قال فيهم ابن مسعود أنهم لم يكونوا يجاوزون بضع آيات من النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويتعلمونها ولم يستثن آيات الصفات وقد فسر ابن عباس الكرسي بموضع القدمين وهو لم يقل ذلك إلا بتوقيف وبناء عليه فالنبي بين معاني آيات الصفات
والمعطلة من أحوج الناس للعمل بنصيحة علي بن أبي طالب فهم يبرزون تلك التأويلات التي سكت عنها النبي _ زعموا _ ويذكرون للعامة الإعتقادات التي لا يمكن فهمهما كقولهم ((الله لا داخل العام ولا خارجه)) وقد اعتلاف بهذه الحقيقة اثنين من أساطينهم
قال الغزالي في الأحياء ((أن الله تعالى مقدس عن المكان ومنزه عن الاقطار والجهات وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا هو متصل به ولا هو منفصل عنه، قد حير عقول أقوام حتى أنكروه إذ لم يطيقوا سماعه ومعرفته))
فكان ينبغي على المعطلة كتم هذه العقيدة عملاً بنصيحة علي
وذكر العز بن عبد السلامفي كتابه القواعد ص (201) أن من جملة العقائد التي لا تستطيع العامة فهمها هو أنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا منفصل عن العالم ولا متصل به
ويقال للزمزمي ومن يوافقه هل وجد في أمة محمد من يعرف هذه المعاني
فإن الجواب لا
قلنا فمن أين عرفتم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرفها
أم هو التخرص والرجم بالغيب
ثم هل يعقل أن ينزل الله عز وجل عليها كتاباً في معرفة معاني آياته فتنة لنا ثم بعد ذلك يأمرنا بتدبره
وإن كان الجواب نعم
قلنا من هذا الذي دينه أمتن من دين أبو بكر وعمر فلم يفتنه ما يفتنهم ويلزم من يعرف هذه المعاني ألا يعلمها للعامة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم _ زعموا _ بل والخاصة أيضاً
¥