ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[14 - 08 - 06, 11:25 م]ـ
وذكر السقاف تأويل الأشعري لصفتي الرضا والغضب في رسالته إلى أهل الثغر حيث نقل قول الأشعري ((وأجمعوا على أنه عز وجل يرضى عن الطائعين له وأن رضاه عنهم إرادته لنعيمهم .. وأنه يحب التوابين .. ويسخط على الكافرين ويغضب عليهم وأن غضبه إرادته لعذابهم))
والجواب على هذا من وجوه
الأول أن هذا الإجماع منقوض بقاعدة السلف الكلية ((أمروها كما جاءت بلا كيف))
الثاني أن ابن جرير الطبري قال في تفسيره لقوله تعالى ((غير المغضوب عليهم))
قال ((وقال بعضهم: غضب الله على من غضب عليه من عاده ذم منه لهم ولأفعالهم، وشتم منه لهم بالقول. وقال بعضهم: الغضب منه معنى مفهوم، كالذي يعرف من معاني الغضب. غير أنه وإن كان كذلك من جهة الإثبات، فمخالف معناه منه معنى ما يكون من غضب الآدميين الذين يزعجهم ويحركهم ويشق عليهم ويؤذيهم؛ لأن الله جل ثناؤه لا تحل ذاته الآفات، ولكنه له صفة كما العلم له صفة، والقدرة له صفة على ما يعقل من جهة الإثبات))
قلت فانظر كيف جعل صفة الغضب كصفة العلم وصفة القدرة تثبت على وجه لا يشبه نعوت المخلوقات وهذا ينقض الإجماع المزعوم
وقال ابن جرير أيضاً في تفسير قوله تعالى ((رضي الله عنهم ورضوا عنه))
قال ((يقول: هذا الذي أعطاهم الله من الجنات التي تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها، مرضيا عنهم، وراضين عن ربهم، هو الظفر العظيم))
قلت ففرق بين الرضا والإنعام
الثالث ان الأشعري نقل في هذه الرسالة إجماعات على الإثبات حيث قال في ص236 من رسالة الثغر التي حققها الجنيدي
((وأجمعوا على وصف الله بجميع ما وصف به نفسه ووصفه به نبيه من غير اعتراض فيه ولا تكيف له وأن الإيمان به واجب وترك التكييف له لازم))
قلت ترك التكييف دليل على الإثبات إذ ان المعدوم لا يمكن تكييفه
فالنهي عن تكييف المعدوم محض لغو
وقال في ص69 من رسالة الثغر التي حققها الجليند:
أجمعوا على أنه عز وجل يسمع ويرى وأن له تعالى يدين مبسوطتين وأن الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه من غير أن يكون جوازاً وأن يديه تعالى غير نعمته وقد دل على ذلك تشريفه لآدم عليه السلام حيث خلقه بيده، وتقريعه لإبليس على الاستكبار عن السجود مع ما شرفه به بقوله: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[14 - 08 - 06, 11:28 م]ـ
واحتج السقاف لمذهب التفويض يقوله تعالى ((وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم))
والجواب على هذا من وجوه
الأول أننا لو فوضنا معاني آيات الصفات فإننا سنعمم ذلك على جميعها بما فيه آيات السمع والبصر وإلا مالدليل على التفريق بينها وبين الصفات الأخرى وقد قدمنا أن السلف يسوون بين صفة اليد وصفتي السمع والبصر وهنا يظهر تناقض القوم
الثاني أننا قد قدمنا الأدلة على براءة السلف من التفويض بما لا يدع مجالاً لمرتاب وهذا يؤكد أن جعل معاني الصفات من المتشابه الذي لا يعلمه إلا بدعة شنيعة
الثالث أن جماعة من أهل العلم قرأوا الآية بالوصل أي بعطف الراسخين بالعلم على الله عز وجل حيث يكون معنى الآية أن الله والراخين بالعلم يعلمون تأويله
اختار هذا مجاهد
قال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. {والراسخون في العلم} يعلمون تأويله ويقولون آمنا به
قلت وإسناده حسن ويعله البعض بالإنقطاع بين ابن أبي نجيح ومجاهد
والجواب أن ابن أبي نجيح أخذ تفسير مجاهد من كتاب القاسم بن بزة كما ذكر ذلك ابن حبان في الثقات فعلى هذا لا يضر الإنقطاع لمعرفتنا بالواسطة
قال ابن حبان في (الثقات): (7 - 331) وفي (مشاهير علماء الأمصار): (146):
(ماسمع التفسير عن مجاهد أحد غير القاسم بن أبي بزة, نظر الحكم بن عتيبة وليث بن أبي سليم وابن نجيح وابن جريج وابن عيينة في كتاب القاسم ونسخوه ثم دلسوه عن مجاهد)
وأما إعلاله بتدليس ابن أبي نجيح فمن العجائب إذ أنه لم يسمع من مجاهد أصلاً ومن شروط التدليس أن التلميذ المدلس قد ثبت أصل سماعه من الشيخ
والمتشابه الذي ذكره مجاهد محمول عندي على المجمل الذي فصل في موضع آخر والمنسوخ والعام الذي خصص في موضع آخر فهذه مزلة قدم للعامة وأما الراسخون فلا تزل أقدامهم
وقد اختار النووي قول مجاهد حيث قال في شرحه لصحيح مسلم عند كلامه على حديث ((إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّىَ اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ))
قال رحمه الله ((والأصح الأول، وأن الراسخين يعلمونه لأنه يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته، وقد اتفق أصحابنا وغيرهم من المحققين على أنه يستحيل أن يتكلم الله تعالى بما لا يفيد))
قلت هذا الكلام في غاية التحرير وقد قال تعالى ((كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا
الْأَلْبَابِ))
فالله عز وجل أنزل علينا القرآن لنتبدبره لا لنفوضه
وللإنصاف هذا ما يذهب إليه السقاف الآن فهو الآن يعترف بضعف مذهب النفويض
الرابع أن معنى التأويل في الآية ما يؤول إليه الأمر أو حقيقته كما في قوله تعالى ((هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ))
وهذا من الغيب الذي لا ينازع أحد بانفراد الله عز وجل بعلمه
¥